قوله تعالى: {فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما 65}
  وأقام حدود الله على من استوجبها، وأخذ أموال الله من مواضعها، وصرفها في وجوهها، وكان رحيما بالمؤمنين، مجاهدا غليظا على الكافرين والمنافقين، معه علمه ودليله، والعلم والدليل: الكلام بالحكمة، وحسن التعبير، والجواب عند المسألة، والفهم لدقائق غامض الكتاب، ولدقائق غيره من كل الأسباب، التي يعجز عن استنباطها غيره، ويضعف عن تثبيتها سواه.
  فمن كان في الصفة كما ذكرنا، وفي الأمر كما قلنا فهو: الإمام الذي عقد الله له الإمامة، وحكم له على الخلق بالطاعة؛ فمن اتبعه رشد واهتدى، وأطاع الله فيما أمر به واتقى، ومن خالفه فقد هلك وهوى، وأفحش النظر لنفسه وأساء، واستوجب على فعله من الله العذاب الأليم، والخلود في الهوان المقيم، {أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا لا يستوون أما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فلهم جنات المأوى نزلا بما كانوا يعملون وأما الذين فسقوا فمأواهم النار كلما أرادوا أن يخرجوا منها أعيدوا فيها وقيل لهم ذوقوا عذاب النار الذي كنتم به تكذبون}[السجدة: ١٨ - ٢٠].
  · قوله تعالى: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ٦٥}[النساء: ٦٥]
  قال في كتاب مجموع تفسير بعض الأئمة، من الآيات التي سئل عنها الإمام الهادي #:
  يقول سبحانه لنبيه صلى الله عليه وعلى آله، مخبرا له عن أصحابه، مقسما بنفسه: أن أصحابه لا يؤمنوا على حقيقة الإيمان، حتى يردوا إليه # ما تشاجروا فيه، وهو: ما اختلفوا فيه، ثم يرضوا بحكمه في ذلك، ولا يجدوا في صدورهم شيئا فيه، ولا غضبا منه، {ويسلموا تسليما} أي: ينفذوا حكمه، ويسلموا له، ويرضوا به، ولا يردوه.