تفسير وبيان لبعض آيات القرآن،

عبد الرحيم بن محمد المتميز (معاصر)

قوله تعالى: {وإن تصبهم حسنة يقولوا هذه من عند الله وإن تصبهم سيئة يقولوا هذه من عندك قل كل من عند الله فمال هؤلاء القوم لا يكادون يفقهون حديثا 78}

صفحة 241 - الجزء 1

  هذه الزيادة والنقصان في جميع ما ذكرنا - من الله، فقال: {كل من عند الله}، ثم شرح ذلك مبينا للخير: {فما لهؤلاء القوم لا يكادون يفقهون حديثا ٧٨ ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة فمن نفسك}⁣[النساء: ٧٨ - ٧٩]، يقول: ثواب من الله سبحانه لكم على ما كان من الطاعة، وخزي وعقاب منه سبحانه لكم على ما كان من أنفسكم من المعصية، والعمل القبيح، وترك الائتمار لأمره، فيقول: ما أصابكم من الزيادة فيه والصلاح، فمن نعم الله عليكم، وتفضله وإحسانه إليكم، وما أصابكم من نقصان ذلك وفساده فمن قبيح أعمالكم، وسوء نياتكم، وإصراركم على المعاصي، وإنما دخل عليكم من أنفسكم - لما فعلتم ما فعلتم، حتى وجب الشنآن عليكم بذلك الفعل من الله سبحانه؛ وهذا تفسير ما جهلوا من ذلك.

  وقال في كتاب البساط للإمام الناصر الأطروش #:

  قالت المجبرة القدرية: إن كل خير وشر من طاعات الله ومعاصيه، ويسر الدنيا وعسرها، وغير ذلك - فمن الله، وفعله وخلقه؛ ويتعالى الله عن ذلك علوا كبيرا، واحتجوا لذلك من قولهم: بقول الله سبحانه: {أينما تكونوا يدرككم الموت ولو كنتم في بروج مشيدة وإن تصبهم حسنة يقولوا هذه من عند الله وإن تصبهم سيئة يقولوا هذه من عندك قل كل من عند الله فما لهؤلاء القوم لا يكادون يفقهون حديثا}.

  والخير والشر: خيران وشران في كتاب الله، فخير من الله: فذلك حسنة منه، وهو: ما ينعم الله به على عباده، من: الصحة، والخصب، واليسر، والغنى، والنصر، والغنائم، والرخاء، وغير ذلك من صنوف نعمه عليه؛ وشر وهو سيئة، وذلك فيما يبتلى الله به عباده، من: المرض، والمصائب، والقحط، والفقر، والعسر، والجراح، وغير ذلك، وقتل الأحباب وموتهم؛ ومن هذا الشر: ما يكون عقوبة على صغائر ذنوب المؤمنين؛ قال الله جل ذكره: {ما أصابكم من