تفسير وبيان لبعض آيات القرآن،

عبد الرحيم بن محمد المتميز (معاصر)

قوله تعالى: {وإن تصبهم حسنة يقولوا هذه من عند الله وإن تصبهم سيئة يقولوا هذه من عندك قل كل من عند الله فمال هؤلاء القوم لا يكادون يفقهون حديثا 78}

صفحة 242 - الجزء 1

  مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير}، فهذه المصائب تكون في الدنيا تمحيصا للمؤمنين، ومحقا للكافرين، وقال تقدس ذكره: {وليمحص الله الذين آمنوا ويمحق الكافرين}، وقد سمى هذه السيئات في كتابه شرا، فقال: {إذا مسه الشر جزوعا وإذا مسه الخير منوعا}، وقال: {ونبلوكم بالشر والخير فتنة}، وقال سبحانه: {وبلوناهم بالحسنات والسيئات لعلهم يرجعون}، فكان أهل النفاق والشك إذا أصابهم مع رسول الله ÷ حسنة وخير، ونصر وغنيمة، وخصب ويسر - قالوا: «هذا من عند الله»، وإذا أصابهم سيئة ومصيبة، وجراح وشدة وقحط، وما أشبه ذلك - قالوا: «هذه من عند محمد وبشؤمه»، وتطيروا به، كما فعل فرعون بموسى #، فأنزل الله جل ذكره فيهم: {فإذا جاءتهم الحسنة قالوا لنا هذه وإن تصبهم سيئة يطيروا بموسى ومن معه ألا إنما طائرهم عند الله ولكن أكثرهم لا يعلمون}، فقال الله جل ذكره لمن تطير بمحمد ÷: {قل كل من عند الله فما لهؤلاء القوم لا يكادون يفقهون حديثا}؛ ولعمري إن المجبرة لم تفقه عن الله حديثه.

  وحسنات أخر، وسيئات من خير وشر، وهي: أعمال العباد التي لم يفعلها الله، ولا يجوز أن يقولوا لمحمد ÷: «ما عملنا من المعاصي فمن عندك»، والتي بين الله جل ذكره حالها، وفرق بينها وبين الحسنات والسيئات - التي ذكرتها أولا - في محكم كتابه، ونسبها الى عباده العاملين لها دونه، فقال: {إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم وإن أسأتم فلها}، وقال: {من عمل صالحا فلنفسه ومن أساء فعليها}، وقال: {من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها ومن جاء بالسيئة فلا يجزى إلا مثلها وهم لا يظلمون} في أشباه لذلك؛ والحمد لله رب العالمين، على حكمته وبيانه، ولطفه وجميل إحسانه، وصلى الله على محمد وآله وسلم.

  وقال في مجموع كتب ورسائل الإمام المرتضى بن الهادي #:

  وسألت: عن قول الله سبحانه: {وإن تصبهم حسنة يقولوا هذه من عند الله