قوله تعالى: {وإن تصبهم حسنة يقولوا هذه من عند الله وإن تصبهم سيئة يقولوا هذه من عندك قل كل من عند الله فمال هؤلاء القوم لا يكادون يفقهون حديثا 78}
  وإن تصبهم سيئة يقولوا هذه من عندك قل كل من عند الله فمال هؤلاء القوم لا يكادون يفقهون حديثا ٧٨ ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة فمن نفسك}، فقلت: مرة ينسبه إلى نفسه، ومرة ينسبه إلى العبد؟
  قال محمد بن يحيى #: هذا تفهيم من الله ø، وتبيين لمن كان مع محمد صلى الله عليه؛ وذلك أنه كان بعضهم إذا أصابتهم حسنة وغنيمة ونصر - قالوا: هذا من الله ø، وإذا أصابتهم محنة نسبوها إلى نبيهم صلى الله عليه، وهذا كلام من كلام بعضهم يوم أحد؛ وذلك أنهم لما اشتوروا في قتال المشركين أشار بعضهم بقتالهم في المدينة، وأشار بعضهم بالخروج إليهم، وقالوا: «يا رسول الله، نخشى أن يطمع العدو فينا إذا قاتلنا بين الأزقة وحول القرية، ويظنوا أنا قد دخلنا منهم، أو ضعفنا عن الخروج إليهم»، وأشاروا بالخروج؛ فلما لبس صلى الله عليه درعه، وتقلد سيفه وخرج وسار ساعة، قال له بعض من كان معه: «يا رسول الله، لو رجعت إلى المدينة، فقاتلنا بين أزقتها فهو أنصر لنا»، فقال صلى الله عليه وآله: «قد أبيتم ذلك، وما كان لنبي إذا لبس لامته أن يضعها حتى تنقضي الحرب»، فسار # ومن كان معه من المؤمنين، حتى قاتل أهل الشرك والنفاق، فلما عبأ العسكر جعل الرماة على جبلين من ورائه، وأمرهم أن لا يبرحوا من الموضع؛ خوفا منه صلى الله عليه أن يقتحم العدو عليهم من خلفهم، ويأتوا من الطريق التي جعل فيها الرماة مقابلة لهم، فلما أن هزم # المشركين، ووقع المسلمون في غنائمهم - خلا الرماة الموضع الذي كانوا فيه، واستغاروا في طلب الغنيمة، فاستدارت خيل المشركين ومن كان معهم، فدخلوا على النبي صلى الله عليه من ورائه، ومن حيث كانت الرماة، فقتل من المسلمين ما قد علمت، وامتحنوا بمحنة عظيمة، جنتها عليهم أنفسهم بما كان من مخالفتهم، فلما أن رجعوا إلى المدينة قال بعضهم: «هذا منك يا محمد، قد كنا أردناك على القتال في المدينة، فغلبت»، فأخبرهم سبحانه ø أنه ما أصابهم من النعمة