تفسير وبيان لبعض آيات القرآن،

عبد الرحيم بن محمد المتميز (معاصر)

قوله تعالى: {ويقولون طاعة فإذا برزوا من عندك بيت طائفة منهم غير الذي تقول والله يكتب ما يبيتون فأعرض عنهم وتوكل على الله وكفى بالله وكيلا 81 أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا 82}

صفحة 246 - الجزء 1

  الذي تقول}، فقلت: ما معنى التبييت؟

  قال محمد بن يحيى #: هذا إخبار من الله سبحانه لنبيه صلى الله عليه بفعل أهل النفاق، والشك والارتياب؛ كانوا إذا دخلوا على النبي صلى الله عليه، وسمعوا الحكمة وما أنزل الله من الموعظة، ثم خرجوا من عنده - باتوا في ليلتهم، يبيتون تحريف كلامه، والكذب في قولهم عليه، مدبرون لصد الحكمة التي يسمعون، متبعون لغير ما به يوعظون.

  وقد قيل: إن معنى {بيت طائفة منهم غير الذي تقول}، أي: بيتوا غير ما أعطوك من أنفسهم.

  وليس ذلك كذلك، ولا القول فيه إلا ما قلنا به أولا.

  وقلت: ما معنى قوله سبحانه: {أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا}، فقلت: قد نجد فيه ألفاظا مختلفة، حتى كأنه ينقض بعضها بعضا؟

  واعلم - هداك الله - أن هذا شيء لا يطلق في الكتاب، ولا يتكلم به أهل المعرفة والألباب؛ قد بعد من الاختلاف والتناقض؛ بل هو المؤتلف الواضح، يشهد بعضه لبعض، ويؤكد بعضه بعضا، {لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد}، شفاء من الأدواء، ونور لمن اهتدى، منجي من الهلكة، قائد في كل ظلمة، لا يضل من تعلق به، ولا يهلك أبدا من تمسك بحبله، فيه شفاء الصدور، وموضح ما التبس من الأمور، ولو كان في نسقه، ورصين كلامه، ومحكم تأليفه، وعزيز مطرد وصفه: اختلاف وتناقض أو تفاوت - لما قال سبحانه: {فأتوا بسورة من مثله}⁣[البقرة: ٢٣].

  فلما أن كان معناه واحدا، وتنزيله محكما - عز على الخلق أن يأتوا بمثله، أو يقدروا على سورة من شكله؛ فانقطع عند ذلك كلام المتكلمين، وانقطعت لديه