قوله تعالى: {وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله إلا أن يصدقوا فإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن فتحرير رقبة مؤمنة وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق فدية مسلمة إلى أهله وتحرير رقبة مؤمنة فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين توبة من الله وكان الله عليما حكيما 92}
  وقلت: إن قتل قوم رجلا مؤمنا عمدا؟
  فالجواب في ذلك: أنهم كلهم يقتلون به، وأنه إذا عفي عن بعضهم فإن القتل قد زاح عن كلهم، ولا قتل عليهم؛ لأنهم جميعهم بمنزلة رجل واحد، وإذا صفح عنه أحد الأولياء - لم يجز قتله للآخرين، ويجب على كل هؤلاء القاتلين إذا عفي عن بعضهم وسقط القتل عنهم دية دية، يخرجونها لأولياء المقتول؛ فإن كانوا خمسة أخرجوا خمسة آلاف، وإن كانوا عشرة أخرجوا عشرة آلاف، وإن كانوا أقل أو أكثر فعلى حساب ذلك.
  وقد قال قوم ممن لا علم عندهم، ولا تمييز لهم: إنه إذا قتل جماعة رجلا عمدا ساهم بينهم الولي، فقتل منهم واحدا، وهذا عين الظلم والمحال، وأقبح شيء من الحكم والأفعال: أن يكونوا كلهم قاتلين معا، ثم يقتل ولي المقتول منهم واحدا، فيجمع ذنوبهم كلها في رقبته، ويخرجوا سالمين مما دخلوا فيه معه؛ هذا قول مدخول، لا يقبله إلا كل عقل فاسد مخبول.
  وقد سئل عن هذه المسألة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ~، فقال: «نعم، لو قتله أهل صنعاء كلهم لقتلتهم به»، وقد يروى أن المسألة وردت عليه من صنعاء، ويذكر أنه قال: «لو قتله أهل منى لقتلتهم به».
  وقال في مجموع كتب ورسائل الإمام عبد الله بن حمزة #:
  مسألة: قوله تعالى: {وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ}: هل «إلا» هنا بمعنى: «ولا»؛ فكيف يصح أن يقال فيه: له أن يفعله أو ليس له أن يفعله؟ وإن كانت «إلا» حرف استثناء؛ فكيف يصح الاستثناء لشيء لم يدخل تحت المستثنى منه؟ وما معنى قوله في آخر الآية {توبة من الله}؟
  الكلام في ذلك، ومن الله نستمد التوفيق والمعونة: أن الله تعالى أخبرنا بمصالح ديننا، ومراشد أمرنا، وبين لنا الأحكام، وبين الحلال من الحرام، فقال