قوله تعالى: {حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به والمنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع إلا ما ذكيتم وما ذبح على النصب وأن تستقسموا بالأزلام ذلكم فسق اليوم يئس الذين كفروا من دينكم فلا تخشوهم واخشون اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا فمن اضطر في مخمصة غير متجانف لإثم فإن الله غفور رحيم 3}
  وهي: القداح التي يستقسمون بها، ويرضون بما يكون من أمرها، فنهاهم الله ø عنها؛ إذ كانت من فعل الجاهلين.
  وسألت: عن قول الله سبحانه: {اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا}؟
  قال محمد بن يحيى #: معنى {أكملت} فهو: أتممت لكم دينكم، وهو: ما لا يكون به نقص، ولا يكون بعده تعبد ولا شريعة، ولا نقصان ولا زيادة؛ لأن الأنبياء $ كانوا يأتون بشرائع مختلفة؛ للذي أراد الله سبحانه من التعبد بالأمر والنهي، وامتحان الخلق وتبيين المطيع من العاصي، وكان سبحانه ينقلهم من طاعة إلى طاعة، حتى ختم الأنبياء بمحمد ÷، وأكمل به التعبد، وجعل الإسلام خاتم الأديان إلى آخر الدنيا، لا دين بعده، ولا فرض سواه، ولا نقصان فيه ولا زيادة؛ فمحمد ÷ خاتم النبيين، ودينه أكمل أديان المتعبدين؛ قال الله سبحانه: {ورضيت لكم الإسلام دينا}، فذكر أنه قد ارتضاه لخلقه واختاره لهم، وافترضه عليهم، فكملت به النعمة، وقامت على العباد به الحجة.
  فهذا معنى ما عنه سألت، وهذه الآية فنزلت على رسول الله ÷ بعرفة، وكان ذلك يوم الجمعة.
  وسألت: عن قول الله سبحانه: {غير متجانف لإثم}؟
  قال محمد بن يحيى #: أراد ø بقوله: {غير متجانف لإثم}، يقول: غير متحرف له، ولا قاصد لمحرم عليه؛ ألا تسمع كيف يقول من قبل هذا: {فمن اضطر في مخمصة}، والمخمصة فهي: المجاعة، يقول: فمن اضطر في ذلك إلى أكل شيء مما قد حرم عليه، مثل: الميتة، والدم، ولحم الخنزير، وكان ذلك على حد مخمصة وجوع، فلا إثم عليه، ومن تجانف له؛ لظلم نفسه، واستحلال لما حرم عليه منه، فهو المعاقب فيه، والمأخوذ به.