تفسير وبيان لبعض آيات القرآن،

عبد الرحيم بن محمد المتميز (معاصر)

قوله تعالى: {يسألونك ماذا أحل لهم قل أحل لكم الطيبات وما علمتم من الجوارح مكلبين تعلمونهن مما علمكم الله فكلوا مما أمسكن عليكم واذكروا اسم الله عليه واتقوا الله إن الله سريع الحساب 4}

صفحة 295 - الجزء 1

  بينهم: يؤكل فضل الكلب المعلم، وإن لم يبق من الصيد إلا بضعة من اللحم. فأما ما قتل الصقر، أو البازي - فأعجب ما قيل فيه من القول إلي: أنه ليس بذكي؛ لأن الله سبحانه يقول {مكلبين}، ولم يقل: ما علمتم مصقرين، والكلب فهو: المغرى، وإكلاب الكلب فهو: الإغراء، ولا يكون ذلك من المغري للكلاب إلا أشلا وأمرا، والصقر لا يؤمر، ولا يشلى، ولا يغرى؛ فإن كانت حالة الفهود كحالها، لاتشلى ولا تؤمر - فلا يحل أكل فضول أكلها، وإن كانت تؤمر وتشلى وتأتمر - فهي كالكلب يؤكل ما أفضلت، وذكي ما قتلت؛ وبهذا فيما بلغنا: كان يقول علي #، وابن عباس، وابن عمر، وذكر أن طاووسا كان يقول: ليس الصقور، ولا الفهود، ولا النمور من الجوارح اللاتي أحل الله - جل ثناؤه - أكل ما أكلت من صيدها، وقال غيرهم: إن هذه كلها كالكلاب في صيدها وأكلها.

  وقال في مجموع كتب ورسائل الإمام المرتضى بن الهادي #:

  وسألت: عن قول الله سبحانه: {وما علمتم من الجوارح مكلبين}، فقلت: هل يجوز لمن أطلق كلبا معلما على صيد، فأكل الكلب بعض الصيد: أن يأكل الرجل ما بقي منه؟

  قال محمد بن يحيى #: الجوارح فهي: الصقور، والشواهين، والبواشق، والباز، ومعنى المكلبين فهو: ما علموا من الكلاب، فإذا كان الكلب معلما لصيد، يغرى فيأخذ، ويدعى فيجيب، ثم أغري على صيد، فلحقه فقتله، ثم لحقه صاحبه فوجده قد أكل منه، فلا بأس بأكل ما بقي؛ لأنه معلم.

  وقد أطلق الله سبحانه: كل ما أمسك الكلب المعلم، وأحب لمن توارى كلبه عن عينه في الجبال والغياض: ألا يأكل ما فضل منه؛ لأنه لا يؤمن أن يكون الصيد تردى أو غرق، فإذا قتله في موضع براز من الأرض، وهو يبصره، ثم أكل منه، ولحقه صاحبه، فلا بأس بأكل بقيته.