تفسير وبيان لبعض آيات القرآن،

عبد الرحيم بن محمد المتميز (معاصر)

قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برءوسكم وأرجلكم إلى الكعبين وإن كنتم جنبا فاطهروا وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج ولكن يريد ليطهركم وليتم نعمته عليكم لعلكم تشكرون 6}

صفحة 300 - الجزء 1

  نسي مسح رأسه مسحه، ثم أعاد غسل رجليه، وإن نسي رجله اليمنى غسلها، ثم أعاد غسل اليسرى، وإن نسي اليسرى غسلها فقط، وقد تم وضوءه؛ فعلى هذا فقس الوضوء؛ فكل ما قدمت شيئا من الأعضاء قبل المقدم قبله غسلت المقدم، ثم أعدت ما بعده؛ وبذلك أمر الله ذو الطول والإحسان، والنعمة والامتنان.

  والاستنجاء: فواجب؛ لأن الله سبحانه يقول في كتابه: {أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء}⁣[المائدة: ٦]، فأوجب الاستنجاء عند الوضوء وافترضه، وليس مع من قال: «إن الاستنجاء لا يكون إلا من الغائط» حجة؛ لأن الله قد ذكر الاستنجاء عند الوضوء وافترضه؛ فإن قال قائل: «ليس إلا من ملامسة النساء، والغائط»: فما تقول في البول؛ فليس البول يدعى غائطا، ولا يدعى المذي غائطا؟ فيجب عليه أن يقول: إن المذي والبول لا يقطعان الوضوء، ولا يجب منهما الاستنجاء. وإن قال بذلك قائل فقد خرج من حد المعرفة، وخالف الكتاب وما نطق به، مع ما جاء في ذلك عن رسول الله ÷ من الأمر بالاستنجاء نصا والتشديد فيه.

  ومن أعجب عجائبهم: أنهم يرون إعادة الوضوء من الريح والدود يخرج من الدبر، فيرون إعادة الوجه واليدين والرأس والرجلين، ولا يرون الاستنجاء؛ فالذي وقع منه من الحدث، ونقض الوضوء - أحق بالغسل والإنقاء مما لم يحدث فيه شيء من الأشياء؛ بل الوجه واليدان والرأس على غاية الطهارة والنقاء، وإنما جاءت الإعادة مما كان من الحدث والأذى، فالذي جاء منه الحدث أحق بالغسل والإنقاء، وإلا فإن عارضهم معارض، فقال: من أين قلتم بإعادة الوضوء من الرعاف والقيء، وليس له ذكر في كتاب الله؟! فنحن نراكم لا توجبون الاستنجاء، وهو في كتاب الله قائم؛ فكيف توجبون ما ليس في كتاب الله؟! فيجب عند ذلك: ألا تعيدوا الوضوء من الدم، ولا من القيء، وإذا فعلوا