قوله تعالى: {قل هل أنبئكم بشر من ذلك مثوبة عند الله من لعنه الله وغضب عليه وجعل منهم القردة والخنازير وعبد الطاغوت أولئك شر مكانا وأضل عن سواء السبيل 60}
  قال في كتاب مجموع تفسير بعض الأئمة، من الآيات التي سئل عنها الإمام الهادي #:
  وسألت: عن قول الله سبحانه: {وجعل منهم القردة والخنازير وعبد الطاغوت}؟
  فهؤلاء قوم من بني إسرائيل، مسخوا حين عتوا واجتروا، فجعلوا صور ما ذكر الله ﷻ، عن أن يحويه قول أو يناله، من القردة والخنازير؛ فجعل الله لهم هو: تحويله لصورهم، وإحلاله لنقمه الله سبحانه لهم؛ على ما كان من فعلهم، وما استوجبوا بجرمهم. وأما قوله: {وعبد الطاغوت} فإنما هو منه على التقديم والتأخير، أراد سبحانه: هل أنبئكم بشر من ذلك مثوبة عند الله من لعنه الله وغضب عليه وعبد الطاغوت؛ فجعلها في اللفظ مؤخرة، وهي في المعنى مقدمة؛ وفعل الطاغوت فليس من فعل الله؛ لأن الطاغوت هو: ما أطغى من الفعل، وأفسد من العمل، وخالف الحق، وجنب عن الصدق.
  وقال في مجموع كتب ورسائل الإمام المرتضى بن الهادي #:
  وسألت: عن قول الله سبحانه: {وجعل منهم القردة والخنازير وعبد الطاغوت}، فقلت: ما معنى ذلك؟
  قال محمد بن يحيى #: قد سئل جدي القاسم ~ عن هذه المسألة، فقال: جعلهم فهو: تبديله لهم تبارك وتعالى، وقوله: {وعبد الطاغوت} فإنما هو نسق وتمام لما تقدم من الأول ولحق، من قوله سبحانه: {قل هل أنبئكم بشر من ذلك مثوبة عند الله}، يريد: منزلة ومحلا ومرتبة عند الله من لعنه الله، وغضب عليه، وجعل منهم القردة والخنازير، وعبد الطاغوت، والمسخ المقدورة الممقوتة(١)، تقديما وتأخيرا وتعريفا، ولست تحتاج - والله محمود - إلى تفسير فيما
(١) هكذا في الأصل المنقول منه، وهو المجموع المطبوع، ولعل في الكلام نقصا؛ فتأمل.