تفسير وبيان لبعض آيات القرآن،

عبد الرحيم بن محمد المتميز (معاصر)

قوله تعالى: {وقالت اليهود يد الله مغلولة غلت أيديهم ولعنوا بما قالوا بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء}

صفحة 334 - الجزء 1

  عند الله ø قدما مطروحة بعقب وأصابع؛ هذا ما لا يجوز في العقول، ولا يتوهمه مسلم؛ وقد قال الشاعر في نحو ذلك:

  تحملت من أسما ما ليس لي به ... ولا للجبال الراسيات يدان

  والجبال ليس لها أيدي؛ فجاز هذا في لغة العرب، وإنما خاطبهم الله ø بلغتهم التي يعرفون، وإنما جاء الهلاك في الدين والترك للتوحيد من جهل الخلق باللغة العربية؛ ألا ترى أن العرب تقول: «ما زلنا نطأ السماء حتى وصلنا إليكم من مسيرة أيام كثيرة»، وهذا الكلام عند من لا يفهمه غير جائز: أن يكون أحد يطأ السماء، وهو عند العرب وأهل المعرفة صحيح جائز؛ لأنهم يعنون بالسماء هاهنا: الغيث، أي: لم يزالوا يطئونه، حتى بلغوا إلى أصحابهم، ... (إلى آخر كلامه #).

  وقال في كتاب ينابيع النصيحة:

  روي: أن الله تعالى كان قد بسط على اليهود، وأكثر الخصب عليهم، فلما عصوا النبي ÷ قبض الله عليهم في الرزق؛ فقالوا: يد الله مغلولة، كما حكى الله في قوله: {وقالت اليهود يد الله مغلولة}، وقيل: اسم القائل فنحاص؛ ومعنى مغلولة: أي مقبوضة عن العطاء، {غلت أيديهم} أي ألزموا البخل؛ فلهذا لا تجد ألأم منهم، ولا أبخل. وقيل: غلت في نار جهنم، أي: شدت إلى أعناقهم. قوله تعالى: {ولعنوا بما قالوا}: اللعنة من الله: الإبعاد من الخير، واللعنة من غيره: الدعاء باللعن. قوله: {بل يداه مبسوطتان}: أي نعمتاه: نعمة الدنيا، ونعمة الآخرة؛ وعلى هذا يقول قائل أهل اللغة: «عندي لفلان يد، وشكرت يدك عندي»، معناه: النعمة، وتقول: «لفلان عندي يد بيضاء»، وقال الأعشى يخاطب ناقته:

  متى ما تناخي عند باب ابن هاشم ... تريحي وتلقي من فواضله يدا

  وأنشد الفراء: