تفسير وبيان لبعض آيات القرآن،

عبد الرحيم بن محمد المتميز (معاصر)

قوله تعالى: {ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا إذا ما اتقوا وآمنوا وعملوا الصالحات ثم اتقوا وآمنوا ثم اتقوا وأحسنوا والله يحب المحسنين 93}

صفحة 346 - الجزء 1

  تناله أيديكم ورماحكم، أراد بذلك ø: الاختبار لهم، والامتحان بالطاعة؛ لينظر كيف صبرهم، وقد كان ø عالما بهم؛ ولكن امتحنهم بذلك ليكافي المطيع على فعله، ويعاقب المسيء على عمله، فكان الصيد في إحرامهم كثيرا، لا يذعر منهم كما كان يذعر، حتى لو شاء أحدهم أن يضربه بالسيف لضربه، أو يطعنه بالرمح لطعنه؛ فكان ذلك من الله سبحانه اختبارا لهم، كما اختبر أصحاب الحيتان، فكانت الحيتان في يوم سبتهم تأتيهم شرعا، حتى لو شاءوا لأخذوها بأيديهم، وإذا كان سائر الأيام لم يقدروا عليها إلا بالشبك والحيل والطلب.

  وقلت: فإن قتل رجل صيدا متعمدا، ثم قتل صيدا ثانيا، هل يجب عليه كفارة أو كفارتان؟

  والذي يجب عليه في كل ما قتل، وهو محرم: كفارة كفارة، ولو قتل خمس بقرات من الوحش - لوجب عليه خمس بقرات من الأوانس، فإن لم يجد فقيمتهن في ذلك البلد الذي قتل فيه، فإن لم يجد القيمة وجب عليه عدل ذلك صياما، وهو: ثلاثمائة وخمسون يوما، عن كل بقرة سبعون يوما.

  وقلت: لم قال الله سبحانه: {يحكم به ذوا عدل منكم}، ولم يقل: يحكم به ذو عدل؟

  وذو العدل فهو: واحد، وذوا عدل فهما: اثنان؛ فأراد الله سبحانه: أن يحكم في هذه القيمة ذوا عدل؛ لأن الاثنين أوثق من الواحد، وأجدر أن تصح القيمة؛ بالتراجع بينهما، والنظر فيها منهما، ولم يجز سبحانه شيئا من الأحكام إلا بشاهدين.