تفسير وبيان لبعض آيات القرآن،

عبد الرحيم بن محمد المتميز (معاصر)

قوله تعالى: {ما جعل الله من بحيرة ولا سائبة ولا وصيلة ولا حام}

صفحة 354 - الجزء 1

  وأما الوصيلة فهي: من الغنم، كانوا إذا ولدت الشاة خمسة أبطن عندهم، وكان الخامس جديا ذبحوه، أو جديين ذبحوهما، وإن ولدت عناقين استحيوهما: فإن ولدت عناقا وجديا تركوا الجدي، ولم يذبحوه من أجل أخته، وقالوا: قد وصلته، فلا يجوز ذبحه؛ من أجلها. وأما الأم فمن عرض الغنم، يكون لبنها ولحمها بين الرجال دون النساء، فإن ماتت أكل الرجال والنساء منها واشتركوا فيها.

  وأما الحام فهو: الفحل من الإبل، كان إذا ضرب عشر سنين، وضرب ولد ولده في الإبل، قالوا: «هذا قد حما ظهره»، فيتركونه لما نتج لهم، ويسمونه حاما، ويخلون سبيله، فلا يمنع أينما ذهب، ويكون مثل البحيرة والسائبة، فلا يجوز في دية، ولا يحمل عليه حمل.

  فهذه الثلاثة من الأنعام التي حرمت ظهورها، ثم قال سبحانه: {ثمانية أزواج من الضأن اثنين ومن المعز اثنين قل آلذكرين حرم أم الأنثيين أما اشتملت عليه أرحام الأنثيين نبئوني بعلم إن كنتم صادقين ١٤٣ ومن الإبل اثنين ومن البقر اثنين قل آلذكرين حرم أم الأنثيين أما اشتملت عليه أرحام الأنثيين أم كنتم شهداء إذ وصاكم الله بهذا فمن أظلم ممن افترى على الله كذبا ليضل الناس بغير علم إن الله لا يهدي القوم الظالمين ١٤٤}⁣[الأنعام]، فذكر سبحانه ذلك؛ لما حرموا من البحيرة، والسائبة، والوصيلة، والحام، وغيره؛ فجعل الذكر زوجا، والأنثى زوجا، فقال: آلذكرين من الثمانية: حرمت عليكم، أم الأنثيين؟ ثم قال: {هلم شهداءكم الذين يشهدون أن الله حرم هذا}⁣[الأنعام: ١٥٠]، فقالوا: نحن نشهد، فقال سبحانه: {فإن شهدوا فلا تشهد معهم ولا تتبع أهواء الذين كذبوا بآياتنا والذين لا يؤمنون بالآخرة وهم بربهم يعدلون ١٥٠}⁣[الأنعام]، ثم قال سبحانه؛ إخبارا منه لهم بما حرم عليهم، فقال: {قل لا أجد في ما أوحي إلي محرما على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة أو دما مسفوحا أو لحم خنزير فإنه رجس أو فسقا أهل لغير الله به فمن اضطر غير باغ ولا عاد فإن ربك