قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم إلى الله مرجعكم جميعا فينبئكم بما كنتم تعملون 105}
  وقال في مجموع كتب ورسائل الإمام المرتضى بن الهادي #:
  وسألت عن: قول الله سبحانه: {ياأيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم إلى الله مرجعكم جميعا فينبئكم بما كنتم تعملون}؟
  قال محمد بن يحيى #: معنى: {يا أيها الذين آمنوا} فهم: المؤمنون المصدقون بالله، الذين آمنوا نفوسهم من عذاب الله؛ بما كان من اجتنابهم لمعصيته، واتباعهم لحكمه؛ فأمنوا بذلك من العقاب، وصاروا به إلى محل الخلد والثواب، ثم قال: {عليكم أنفسكم}، يقول ø: أصلحوها بالطاعة فاستنقذوها، ثم قال: لا يضركم ضلال الضالين، ولا تحاسبون بفعل المبطلين، ولا تسألون عن شيء من أعمال المفسدين، وإنما أفعالهم عليهم، وضرهم في رقابهم.
  وقد ذكر أن اليهود قالوا للمسلمين: كيف تطمعون بالنجاة، وآباؤكم مشركون، ولستم بناجين من فعلهم؟ فأنزل الله تبارك وتعالى: {عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم}، وقال سبحانه: {ولا تزر وازرة وزر أخرى}[الأنعام: ١٦٤]، فأخبر أنه لا يعذب أحدا بجرم أحد، والدا كان أو ولدا.
  وسألت: هل يعرف الله ø الخصمين المتنازعين بقبيح أفعالهما، وما يكون من تظلمهما؟
  قال محمد بن يحيى #: كذلك الله ø يوقف كلا على فعله، ويحاسبه على عمله، وينصف المظلوم من ظالمه؛ ألا تسمع كيف يقول ø، ويخبر عما يتكلم به الظالمون، حين يقول: {ياويلتنا مال هذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها ووجدوا ما عملوا حاضرا ولا يظلم ربك أحدا}[الكهف: ٤٩]، ويقول ø: {ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئا وإن كان مثقال حبة من خردل أتينا بها وكفى بنا حاسبين}[الأنبياء: ٤٧].