تفسير وبيان لبعض آيات القرآن،

عبد الرحيم بن محمد المتميز (معاصر)

قوله تعالى: {يوم يجمع الله الرسل فيقول ماذا أجبتم قالوا لا علم لنا إنك أنت علام الغيوب 109}

صفحة 360 - الجزء 1

  قالوا لا علم لنا إنك أنت علام الغيوب

  قال محمد بن يحيى #: معنى قوله سبحانه: {يوم يجمع الله الرسل} فهو: يوم القيامة، وهو اليوم الذي قال الله ø: {فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا}⁣[النساء: ٤١]، فيحضر ø أنبياءه وأممهم، ثم يقول سبحانه لهم عندما يكون من تغيير الأمم وأفعالهم، خلاف ما أعطوا أنبيائهم من أنفسهم، وأبانوه من علانيتهم، عند كشف سرائرهم، وتوقيفهم على أعمالهم، التي خالفوا فيها ما كان من ظاهرهم، فيقول تبارك وتعالى لأنبيائهم: ما هذا أجبتم؛ أي ليس هذا الفعل الذي أعاقبهم عليه، وأجزيهم فيه - الذي أعطوكم من أنفسهم، ولم يفوا بما أظهروا لكم من ألسنتهم؛ بل كانت لهم أعمال دون ذلك. فيقول الأنبياء $: سبحانك، {لا علم لنا إنك أنت علام الغيوب}. أرادوا بذلك: أنه لا علم لهم بضمائرهم، ولا ما استجن في قلوبهم، ولم يكن عندهم من العلم إلا ما أظهروا من أنفسهم، ولا يعلمون منهم إلا ما كان يظهر من قولهم، الذي كانوا يبدونه لأنبيائهم، وهو ظاهر الأمور، لا باطنها؛ ألا ترى كيف يقول: {إنك أنت علام الغيوب}، فهذا دليل على أن الله ø أعلم أنبياءه بما كان في ضمائر من أرسلهم إليهم، إذ سألهم عند معاقبته لهم، مما لا علم لهم به.

  وأما ما يقول به من لا علم له: أنه سألهم يوم القيامة سبحانه عن مطيعي أممهم؛ فأنكروه ولم يعرفوه - فعلى ما أحضرهم ø شهودا، إذا كانوا لا يعرفون من أطاعهم في عصرهم؟! فهذا ما لا يقول به أحد يميز، وليس القول فيه إلا القول الأول الذي قلنا.

  وقد قيل في ذلك عن الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس في قوله: {يوم يجمع الله الرسل فيقول ماذا أجبتم}⁣[المائدة: ١٠٩]، فقال: يقول ماذا أجابكم قومكم، وهذا في بعض مواطن القيامة، {قالوا لا علم لنا}؛ من شدة هول