تفسير وبيان لبعض آيات القرآن،

عبد الرحيم بن محمد المتميز (معاصر)

قوله تعالى: {وإذ قال الله يا عيسى ابن مريم أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله قال سبحانك ما يكون لي أن أقول ما ليس لي بحق إن كنت قلته فقد علمته تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك إنك أنت علام الغيوب 116}

صفحة 366 - الجزء 1

  فإن زعم أنها غير النفس، زعم أن في ربه غير ربه، وإن زعم أن الذي في النفس هي: النفس - زعم أنه لا معنى لقوله {في نفسي}!

  ويسألون: هل كانت النفس، وفيها ذلك الذي هو غيرها؟! فإن زعموا أنه لم يزل، جحدوا قول الله: {هو الأول}⁣[الحديد: ٣]، وإن زعموا أنها كانت، وليس فيها ذلك الذي في النفس، وأن ذلك محدث - جحدوا أن يكون كان عالما لم يزل.

  واعلم أن للنفس في لغة العرب معاني، فمنها ما يجوز على الله تبارك وتعالى، ومنها ما لا يجوز عليه.

  فأما ما لا يجوز عليه: فمعنى النفس التي هي: الروح، وما ذكر الله تعالى من قوله: {وإذا النفوس زوجت}⁣[التكوير: ٧]؛ فهذه النفوس هي: أجزاء الإنسان التي هي أرواحهم، وقد قيل في اللغة في ذكر هذه النفس: «فاضت نفس فلان»، يعنون: خروج روحه، وهذا المعنى عن الله ø منفي.

  وقال الله ø في كتابه، يذكر النفس بغير هذا المعنى: {خلقكم من نفس واحدة}⁣[النساء: ١٠]، يعني: من آدم #، فسماه: نفسا، ولم يرد به: روحه، وقال: {يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي}⁣[الفجر: ٢٧]، يعني: يا أيها الإنسان، ولم يرد النفس التي هي الروح فقط، وإنما أراد الحي الذي هو الإنسان، وكذلك قوله: {كل نفس بما كسبت رهينة}⁣[المدثر: ٢٨]، أي: كل إنسان بما كسب رهين، وقال: {أن تقول نفس يا حسرتا على ما فرطت}⁣[الزمر: ٥٦]، يعني: أن يقول الإنسان، وقال: {النفس بالنفس}⁣[المائدة: ٤٥]، يريد: الإنسان، وقال: {كل نفس ذائقة الموت}⁣[العنكبوت: ٥٧]، يعني: أن كل إنسان ميت؛ والعرب قد تقول للشيء الذي لا روح له ولا شخص: «هذا نفس كلامك، وهذا النور بنفسه»، وقال الشاعر:

  قالت له النفس إني لا أرى طمعا .... وإن مولاك لم يسلم ولم يصد