تفسير وبيان لبعض آيات القرآن،

عبد الرحيم بن محمد المتميز (معاصر)

قوله تعالى: {ثم لم تكن فتنتهم}

صفحة 375 - الجزء 1

  بغرور ما كانوا يعبدون، وخديعة ما كانوا يطيعون.

  وأما قولهم: {والله ربنا ما كنا مشركين}⁣[الأنعام: ٢٣]، فإنما ذلك كذب منهم، وكلام عند معاينة العذاب، يرجون به ما لا ينالون، جهلا منهم وإيقانا بالعذاب، وتقطعا من الأسباب؛ لقبيح ما عاينوا في الآخرة من المآب، جهنم يصلونها فبئس المهاد.

  · قوله تعالى: {ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ}⁣[الأنعام: ٢٣]

  قال في كتاب الرد على مسائل الإباضية للإمام الناصر بن الهادي #:

  الفتنة تخرج في كتاب الله جل ثناؤه على عشرة وجوه في القرآن:

  الوجه الأول: من الفتنة يعني به الشرك، وذلك قوله: {وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين لله}⁣[البقرة: ١٩٣]، نظيرها في الأنفال حيث يقول: {وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة}، يقول: حتى لا يكون شرك {ويكون الدين كله لله}⁣[الأنفال: ٣٩]، وقال سبحانه في البقرة: {والفتنة أكبر من القتل}، يعني: الشرك بالله أعظم جرما عند الله من القتل في الشهر الحرام، ونحوه كثير.

  والوجه الثاني: فتنة يعني بها الكفر، وذلك قوله ø في آل عمران: {ابتغاء الفتنة}، يعني: الكفر، وكقوله سبحانه: {ألا في الفتنة سقطوا}، يعني: الكفر، وكقوله تبارك اسمه في سورة النور: {فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة}، يعني: كفرا، وكقوله ø في سورة الحديد: {ولكنكم فتنتم أنفسكم}، يقول: كفرتم وشبهتم على أنفسكم، وكذلك كل فتنة في المنافقين واليهود.

  الوجه الثالث: يعني به: بلاء، وهو المحنة، فذلك قوله تبارك وتعالى في العنكبوت: {ألم أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون ولقد