تفسير وبيان لبعض آيات القرآن،

عبد الرحيم بن محمد المتميز (معاصر)

قوله تعالى: {فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا كأنما يصعد في السماء كذلك يجعل الله الرجس على الذين لا يؤمنون 125}

صفحة 423 - الجزء 1

  يدارك عليه من الأمر والدعاء، وما أمر به عبده ورسوله، ونزل عليه، فكلما زاد الله في إقامة الحجة عليهم، والدعاء لهم، وإظهار الحق لديهم - ازدادوا طغيانا وإثما، وتماديا وعمى؛ فخذلهم الله لذلك وأرداهم، وأذلهم وأشقاهم، فعادت صدورهم؛ لما فيها من الشك والبلاء، وما يخافون من ظهور الحق عليهم والهدى - ضيقة حرجة، كأنما تصعد في السماء. وإنما مثل الله ضيقها بالتصعيد في السماء؛ لأن التصعيد أشد الشدة، وأعظم البلاء؛ ولذلك ما قال الله جل ثناؤه في الوليد بن المغيرة المخزومي: {ذرني ومن خلقت وحيدا ١١ وجعلت له مالا ممدودا ١٢ وبنين شهودا ١٣ ومهدت له تمهيدا ١٤ ثم يطمع أن أزيد ١٥ كلا إنه كان لآياتنا عنيدا ١٦ سأرهقه صعودا ١٧}⁣[المدثر]، فلما أنعم الله عليه بما ذكر، فأبى وأعرض واستكبر، وخالف وكفر - وعده الله إرهاق الصعود؛ وهو: الأمر الصعب الشديد، من العذاب في دار الآخرة، بالنار وأغلال الحديد؛ فلما كان الصعد الذي لا تعرض فيه، ولا سهولة في حيله، وأنه مصعد فيه أبدا، وكان أشد ما يلقى من سلك سبيلا ماشيا أو راكبا - مثل الله به لهم: ما أعد من العذاب والبلاء.

  وقال في كتاب مجموع تفسير بعض الأئمة، من الآيات التي سئل عنها الإمام الهادي #:

  وسألت: عن قول الله سبحانه: {فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا كأنما يصعد في السماء

  فمعنى قوله: {يشرح صدره} فهو: يوفق ويسدد، وينور الحق له وفيه، حتى يتضاعف فيه الهدى، ويدخله معرفة التقوى، ولا يكون ذلك إلا لمن قبل من الله سبحانه الهدى المبتدأ، فزاده عند قبوله له هدى، كما قال: {والذين اهتدوا زادهم هدى وآتاهم تقواهم}؛ فهذا معنى الشرح من الله لصدور من آمن به واتقاه.