تفسير وبيان لبعض آيات القرآن،

عبد الرحيم بن محمد المتميز (معاصر)

قوله تعالى: {ثم قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس لم يكن من الساجدين 11}

صفحة 436 - الجزء 1

  قلت: أفمخصوصا كان بذلك دونهم؟

  قال: نعم، كان مخصوصا بالأمر.

  قلت: فعصيان آدم ~ في أكل الشجرة كيف كان ذلك منه: تعمدا أم نسيانا؟

  فقال: قد أعلمك الله في كتابه، من قوله: {ولقد عهدنا إلى آدم من قبل فنسي ولم نجد له عزما}⁣[طه: ١١٥]، يقول: لم نجد له عزما على أكلها، واعتمادها بعينها.

  ولكن سلني، فقل لي: فإذا كان آدم في أكل الشجرة ناسيا فكيف وجبت عليه العقوبة، وقد أجمعت الأمة على أنه إذا نسي الرجل، فشرب في رمضان وهو ناس، أو أكل وهو ناس، أو ترك صلاة حتى خرج وقتها وهو ناس، أو جامع امرأته في طمثها وهو ناس، لم يجب عليه في ذلك عقوبة عند الله؟ فكيف يجب على آدم # العقوبة في أكل الشجرة ناسيا؟

  فإن سألتني عن ذلك، قلت لك: إنما عوقب آدم ~ في استعجاله في أكل الشجرة، وذلك أن الله سبحانه لما نهاه عن أكل الشجرة - وهي البر -، وأمره بالشعير، ولم يحظرها عليه، فكان يأكل من شجرة الشعير، وهي ورق، ولم تحمل ثمرا، فلما صار فيها الحب والثمر أشكل عليه أمرها، فلم يدر أيهما نهي عنه، فأتاه اللعين بخدعه وغروره، فقاسمه على ما ذكره الله في كتابه؛ فقال: {ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلا أن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين}⁣[الأعراف: ٢٠]، فاستعجل آدم، فأكل من الشجرة، ولم ينتظر الوحي في ذلك من عند الله، فعوقب في استعجاله في أكلها، وقلة صبره لانتظار أمر ربه.

  قلت: فكيف كان كلام إبليس وخدعه إياه؟ هل كان تصور له جسما، ورآه عيانا؟