تفسير وبيان لبعض آيات القرآن،

عبد الرحيم بن محمد المتميز (معاصر)

قوله تعالى: {رب أرني أنظر إليك قال لن تراني ولكن انظر إلى الجبل فإن استقر مكانه فسوف تراني فلما تجلى ربه للجبل جعله دكا وخر موسى صعقا فلما أفاق قال سبحانك تبت إليك وأنا أول المؤمنين 143}

صفحة 453 - الجزء 1

  الآية [الحج: ٣٧]، وقال: {لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون}⁣[آل عمران: ٩٢]، ولأن الله عاقب الذين سألوا موسى أن يريهم الله، ولم يعاقب موسى، ولو كان موسى سأله كسؤالهم لكان معاقبا مثلهم، وقد حكى الله عن موسى # أنه نسب ذلك إلى بعض قومه، ونفاه عن نفسه بقوله: {أتهلكنا بما فعل السفهاء منا}⁣[الأعراف: ١٥٥]؛ وأما توبة موسى فإنها من سؤاله البيان قبل الاستئذان، والأنبياء لا يقيمون على صغيرة، ولا يسألون ربهم حتى يستأذنوه؛ قال الله تعالى حاكيا عن نوح: {ونادى نوح ربه فقال رب إن ابني من أهلي وإن وعدك الحق وأنت أحكم الحاكمين ٤٥ قال يانوح إنه ليس من أهلك إنه عمل غير صالح فلا تسألني ما ليس لك به علم إني أعظك أن تكون من الجاهلين ٤٦ قال رب إني أعوذ بك أن أسألك ما ليس لي به علم وإلا تغفر لي وترحمني أكن من الخاسرين ٤٧}⁣[هود]، فاستغفر ربه من سؤاله قبل استئذانه. ولو كان موسى سأل ربه أن يريه نفسه، كما سأله قومه - لأصابه ما أصابهم من العقوبة، ولما قال: {أتهلكنا بما فعل السفهاء منا}، وقد حكى الله قولهم، فقال: {وإذ قلتم ياموسى لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة فأخذتكم الصاعقة ...}⁣[البقرة: ٥٥]، وقال عز من قائل لنبيئنا ÷: {يسألك أهل الكتاب أن تنزل عليهم كتابا من السماء فقد سألوا موسى أكبر من ذلك فقالوا أرنا الله جهرة ...} الآية [النساء: ١٥٣]، فلو كان يجوز أن يرى في وقت من الأوقات، لما عاقبهم الله على ما يجوز في وقت من الأوقات؛ ألا ترى أن العبد يسأل ربه - وهو في الدنيا - المغفرة والجنة والثواب، فلا يعاقب في ذلك. وقد سأل قوم عيسى صلى الله عليه المائدة، فلم يعاقبوا بسؤالهم ذلك قبل وقته؛ فبطل قول المشبهة ... (إلى آخر كلامه #).