تفسير وبيان لبعض آيات القرآن،

عبد الرحيم بن محمد المتميز (معاصر)

قوله تعالى: {واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل إن كنتم آمنتم بالله وما أنزلنا على عبدنا يوم الفرقان يوم التقى الجمعان والله على كل شيء قدير 41}

صفحة 490 - الجزء 1

  غنتم من شيء - يوجب في البر والبحر الخمس، وإلا كان قال لك مناظرا: وجدنا للمعادن في كتاب الله تسمية في الخمس، أو في الركائز - فلن تجد ذلك أبدا، وإذا لم تجده وجب عليك أن تطرح الخمس من المعادن والركاز، وكذلك اللؤلؤ والجواهر الذي تخرج من البحر ليس فيها أيضا خمس، وإذا قال بذلك قائل فقد رد حكمه، وضاد أمره، وعاند نبيه، وخالف فرضه، وإن أوجب الخمس فقد أصاب الحق، وإذا أوجبه في هذه الأشياء التي ليس لها في كتاب الله ذكر، وكذلك أيضا لا يجب في الأشياء الأخر سواء سواء.

  وقد احتججنا في هذا بحجج قد صارت إليك، ووصلت بك، والقاسم ~ فإنما أراد بقوله: «يحول الحول عليه ثم تكون فيه الزكاة»: أن كل ما كان من الغنائم - فإنما أراد - يجب فيه الخمس عند أخذه، ثم ليس فيه شيء على مالكه غير ذلك، حتى يحول عليه الحول، فإذا حال عليه الحول وجبت عليه فيه الزكاة، إذا كان قيمته مائتي درهم، أو عشرون مثقالا؛ لأن بعض الناس يوجب فيه من بعد الخمس العشر، ولسنا نرى ذلك حتى يحول عليه الحول، ثم فيه ربع عشره، وعلى ذلك يجري حسابه، في العشرين مثقالا: نصف مثقال، وفي المائتي درهم: خمسة دراهم. ولا اختلاف عندنا: أن القاسم ~ كان يوجب الخمس، وكذلك يروى عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ~، وبذلك كان يقول الهادي إلى الحق ~، وبه أقول، وعليه أعتمد، وكفى بالآية شاهدا ومبينا.

  وقلت: إن كثيرا من أئمة الحلال والحرام لم يتكلموا في ذلك بشيء؟

  واعلم - حاطك الله -: أن أئمة السلف أعلم، ومعهم من التوفيق والتسديد ما ليس مع الآخرين، ولعلهم لو سئلوا عنها، أو كشفوا عن جوابها: أن يجيبوا فيها بما أجبنا.