قوله تعالى: {وكان عرشه على الماء}
  ø هو: المحيط بجميع الأشياء بعرشه، يريد: أنه المحيط بجميع الأشياء بملكه، أي: أنه علا فوق جميع الأشياء بنفسه، ليس ثم عرش ولا ملك غيره.
  ومعنى قوله: {وكان عرشه على الماء}، يريد: أنه كان المحيط بالماء، من قبل خلقه للأرض والسماء؛ فذلك العرش المحيط بالماء لم يتغير عن حاله، ولم يزل هو المحيط بالماء، والمحيط من بعد الماء بالأرض والسماء؛ فذلك العرش إنما هو: مقام الله، ولا يجوز لنا أن نقول: هو مجلس الله؛ ولكنا نقول: هو مقام الله، وليس كمقام الانتصاب؛ إنما ذلك كمال الله بنفسه؛ فهو الجليل الكامل بنفسه العظيم، الجبار ذو الشرف والبهاء والسناء العظيم؛ فهذا معنى قول الله ø: {وكان عرشه على الماء}، يخبر: أنها لم تكن أرض ولا سماء، سوى الماء.
  ونحن نقول: إنه قد كان عرش الله ولا ماء، ونقول: إن عرش الله لم يزل، وإن أسماء الله لم تزل، وإن صفات الله ومدائحه كلها لم تزل؛ لأن الله يقول في كتابه: {الرحمن على العرش استوى}[طه: ٥]، ولا يجوز لنا أن نقول: لم يكن مستويا على عرش ثم استوى؛ إذن لقلنا بخلاف قوله ø؛ بل نقول: إن الله لم يزل ذا عرش عظيم، يريد بذلك العرش العظيم: الله العظيم.
  وقلنا له: ليس ثم عرش لله ø، وإنما ذكر العرش، فعرفنا به: الملك، ولم يصفه بصفة معلومة معروفة. وأما قوله في يوم القيامة: {وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى}[النازعات: ٤٠] - فذلك المقام هو ذلك العرش، وذلك العرش هو: الله العلي، لا شيء استعلى، إنما هو العلي بنفسه.