تفسير وبيان لبعض آيات القرآن،

عبد الرحيم بن محمد المتميز (معاصر)

قوله تعالى: {وأوحى ربك إلى النحل أن اتخذي من الجبال بيوتا ومن الشجر ومما يعرشون 68 ثم كلي من كل الثمرات فاسلكي سبل ربك ذللا يخرج من بطونها شراب مختلف ألوانه فيه شفاء للناس إن في ذلك لآية لقوم يتفكرون 69}

صفحة 65 - الجزء 2

  من إسرافيل، قال: فكيف يأخذه إسرافيل؟ قال: يأخذه من ملك فوقه، قال: فكيف يأخذه الملك؟ قال: يلقى في قلبه إلقاء، ويلهمه إلهاما، وعلى ذلك يخرج معنى الوحي إلى النحل: ألهمها إلهاما ما ذكر أنه القاه إليها.

  والمعنى الثاني: فوحيه إلى أنبيائه المصطفين، بالمشافهة والمكالمة لهم من الملائكة المقربين، وذلك قوله: {إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح}، إلى قوله: {داود زبورا}.

  والوجه الثالث فهو: الجعل والتقدير، للصلاح والتدبير؛ وذلك قوله: {فقضاهن سبع سموات في يومين وأوحى في كل سماء أمرها} ... إلى آخر الآية.

  والوجه الرابع: فوحي الله ø في ما يراه الأنبياء $ في منامهم، من ذلك قول إبراهيم لابنه إسماعيل @: {يا بني إني أرى في المنام أني أذبحك}، فكان في ذلك وحي من الله وأمر، والدليل على ذلك قول إسماعيل: {يا أبت افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين}، فدل بذلك على أنه وحي من الله وأمر.

  وما قيل وروي في وحي الله إلى أم موسى: أنه كان في المنام أورته، فإن يكن ذلك كذلك - فهو داخل في ذلك، وإن لم يكن ذلك كان من الله سبحانه إلهاما ألهمها إياه؛ فذلك ما نشك فيه؛ بأن الله على كل شيء قدير. ولا أحسب - والله أعلم - إلا أنه كان وحيا في منامها؛ لأنه ø يقول: {يأخذه عدو لي وعدو له}⁣[طه: ٣٩]، وهذا القول فلا يكون إلهاما؛ لأنه خبر وقصص وقول، وإنما يلهم من الأشياء ما كان فعلا يدرك بالعقول، ويميز بالمعقول.