تفسير وبيان لبعض آيات القرآن،

عبد الرحيم بن محمد المتميز (معاصر)

قوله تعالى: {والله جعل لكم من بيوتكم سكنا وجعل لكم من جلود الأنعام بيوتا تستخفونها يوم ظعنكم ويوم إقامتكم ومن أصوافها وأوبارها وأشعارها أثاثا ومتاعا إلى حين 80 والله جعل لكم مما خلق ظلالا وجعل لكم من الجبال أكنانا وجعل لكم سرابيل تقيكم الحر وسرابيل تقيكم بأسكم كذلك يتم نعمته عليكم لعلكم تسلمون 81}

صفحة 67 - الجزء 2

  هذا مثل ضربه الله لأهل الشك والارتياب، ممن كان يعبد الأصنام من دون الله؛ فأخبره الله: أن مثل ما هو فيه من الشك في الله، والعبادة لمن دون الله - كهذا المثل، وأن ما تعبدون من دون الله كهذا الضعيف الذي لا يقدر على شيء، وكذلك ضرب مثل هذا العبد الأبكم الذي لا يأتي بخير، فجعله شبها لأصنامهم التي يعبدونها من دون الله، وجعل الأمر بالعدل والحق مثلا للحق.

  · قوله تعالى: {وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ سَكَنًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ جُلُودِ الْأَنْعَامِ بُيُوتًا تَسْتَخِفُّونَهَا يَوْمَ ظَعْنِكُمْ وَيَوْمَ إِقَامَتِكُمْ وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَاثًا وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ ٨٠ وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِمَّا خَلَقَ ظِلَالًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْجِبَالِ أَكْنَانًا وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ وَسَرَابِيلَ تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ كَذَلِكَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ ٨١}⁣[النحل: ٨٠ - ٨١]

  قال في مجموع كتب ورسائل الإمام الهادي #، في سياق جواب على ابن الحنفية:

  إن معنى قوله : {جعل لكم من بيوتكم سكنا} هو كما قال سبحانه، هو الذي خلق الخشب والحجر، والماء والمدر؛ هو دلهم على ذلك، وهم بنوا وعملوا المساكن، وكل ما صنعوه من الأماكن، وهو جعل وخلق الأنعام وجلودها، وهم عملوها بيوتا، ولو لم يخلق الجلود لم يقدروا على عمل ما ذكر من البيوت، وكذلك لو لم يخلق الحجر، والخشب والمدر - لم يبنوا بيوتا يسكنونها، ولا دورا يأوونها، وكذلك السرابيل التي تقي الحر وقت الحر، وتقي القر وقت القر⁣(⁣١)، وكذلك سرابيل البأس، التي تقي وتحرز من الناس - فالله ø أوجد حديدها، ودلهم


(١) قال في القاموس المحيط: القُرُّ، بالضم: البَرْدُ، أو يُخَصُّ: بالشتاءِ.