تفسير وبيان لبعض آيات القرآن،

عبد الرحيم بن محمد المتميز (معاصر)

قوله تعالى: {فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا}

صفحة 165 - الجزء 2

  يصدقون في قولهم، ولا يخبرون بحق فيما يتكلمون به فيهم.

  ثم قال سبحانه: {ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا ٢٣ إلا أن يشاء الله}، فكان ذلك تأديبا من الله ø لنبيه #، ودلالة على ما هو أفضل عند مخاطبته؛ إذ دله على الاستثناء في كلامه، والتسليم لحكم الله في جميع أسبابه. ثم قال ø: {واذكر ربك إذا نسيت وقل عسى أن يهديني ربي لأقرب من هذا رشدا}، فأمره بالذكر لربه، ثم قال: {عسى}، و «عسى» ها هنا من الله: إيجاب، ليست بشك ولا ارتياب. {أن يهديني ربي لأقرب من هذا رشدا}، يقول: لأقرب مما أنتم تمارون فيه، وتتكلمون به، فهداه الله سبحانه للصواب، وفهمه فيما كانوا يمترون فيه للجواب.

  ثم قال: {ولبثوا في كهفهم ثلاث مائة سنين وازدادوا تسعا}، فأخبر الله ø عما لبثوا في الكهف من السنين. ثم قال: {قل الله أعلم بما لبثوا}؛ كذلك الله سبحانه: هو العالم بما لبثوا، لا يعلم ذلك غيره، ولا يحيط به سواه. وقال: {له غيب السموات والأرض}؛ فهو عالم بغيبها، وما استتر في جوانح أهلها، ولا يعزب عنه صغيرة في خلقه ولا كبيرة، ولا يستتر عنه ظاهر ولا باطن، علمه بما ظهر وبان، كعلمه بما استتر وغبي في الجنان. ثم قال سبحانه: {أبصر به وأسمع ما لهم من دونه من ولي ولا يشرك في حكمه أحدا}، ومعنى: {أبصر به وأسمع} فهو: يوم القيامة، يقول: يبصرون ذلك اليوم البصر الجيد، والسمع الثاقب؛ لأن العرب تقول لمن غفل عن النظر في الشيء، والاستماع لما يرد عليه فيه، إذا وقعت به مصيبة: «أبصر به اليوم»، يريدون: ما أجود بصره! من طريق التبكيت والتقريع، لما أن غفل عن النظر، حتى وقع في العظيم من الأمر؛ كذلك لما أن كان هؤلاء في هذه الدنيا غير ناظرين، ولا للحق مستمعين، ولا بما يرون في الآيات معتبرين - قال الله ø: {أبصر به}: يوم القيامة، ومعنى: {به} أي: بهم، - وذلك جائز في اللغة والمخاطبة؛ قال الله ø: {يا أيها الإنسان