قوله تعالى: {فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا}
  ومعنى: {بئس للظالمين بدلا} فكذلك: بئس لهم أن يستبدلوا الشر بالخير، والهلكة بالنجاة؛ فنعوذ بالله من العمى، ومن الضلالة بعد الهدى.
  ثم قال سبحانه: {ما أشهدتهم خلق السموات والأرض ولا خلق أنفسهم وما كنت متخذ المضلين عضدا}: فهذه آية محكمة، عامتها لا يحتاج إلى تفسير. ومعنى: {عضدا} فهو: معينا وموازرا. ومعنى: {المضلين} فهم: المغوون الصادون عن الحق، التاركون للصدق.
  {ويوم يقول نادوا شركائي الذين زعمتم فدعوهم فلم يستجيبوا لهم}، ومعنى: {يوم يقول} فهو: يوم القيامة. {نادوا شركائي} فهم: الذين آثرتموهم علي، وأشركتموهم في طاعتي، حتى أهلككم ذلك في آخرتكم، واستحققتم به العذاب عند ربكم، {فدعوهم} - كما قال الله ø - {فلم يستجيبوا لهم}؛ وكيف يستجيب، أو ينصرهم، أو يدفع ما نزل بهم من هو في الهون، والعذاب والنيران؟! ومعنى: {شركائي} فإنما جاز ذلك من طريق التبكيت لهم والتقريع. ثم قال سبحانه: {وجعلنا بينهم موبقا}، والموبق فهو: الهلكة التي وقعوا فيها؛ تقول العرب: «أوبق فلانا»، أي: أهلكه.
  ثم قال سبحانه: {ورأى المجرمون النار فظنوا أنهم مواقعوها}، وإنما هو: أيقنوا، وهذا في لغة العرب صحيح: أن يقال: «ظن» في موضع: «أيقن»؛ يقول القائل: «أظن أني لآكل»، وهو لا يظن ذلك؛ بل يوقن أنه يأكل، ويقول القائل: «عسى أن أقوم»، و «عسى» هي في موضع شك، وهو يوقن بأنه يقوم؛ وكذلك قال الله تبارك وتعالى: {وذا النون إذ ذهب مغاضبا فظن أن لن نقدر عليه}[الأنبياء: ٨٧]، ويونس صلى الله عليه فلا ينسب إليه جهل، وهو فلم يظن أن الله لا يقدر عليه؛ بل هو موقن بذلك(١)؛ ولكن هذا في لغة العرب جائز،
(١) أي: لا ينسب إلى يونس # جهلٌ بقدرة الله عليه؛ فهو لم يظن أن الله لا يقدر عليه؛ بل هو موقن بقدرة الله عليه. وذلك كما سيأتي في تفسير الآية لجده الإمام القاسم، وأبيه الإمام الهادي علهم السلام، =