قوله تعالى: {وما نتنزل إلا بأمر ربك له ما بين أيدينا وما خلفنا وما بين ذلك وما كان ربك نسيا 64}
  مقضيا}؟
  قال محمد بن يحيى ¥: أراد ø بورودهم إياها: حضورهم لها، ولم يرد دخولهم فيها، فلما أن كانوا يشاهدونها ويبصرونها - قال سبحانه: {وإن منكم إلا واردها}، والقرآن فعربي، وإنما خاطب الله سبحانه العرب بلغتها، والعرب تقول: «وردنا البير»، ولم يريدوا بورودها: دخولا فيها؛ ولكنهم دنوا منها، وأشرفوا عليها، ولو كانوا يدخلونها كما تقول العامة - لكان ذلك خلافا لقوله سبحانه، حيث يقول: {لا يحزنهم الفزع الأكبر وتتلقاهم الملائكة هذا يومكم الذي كنتم توعدون}[الأنبياء: ١٠٣]، وقال ø: {لا خوف عليهم ولا هم يحزنون}، وأي خزي هو أشد من دخول النار، ويقول سبحانه: {لا يسمعون حسيسها}[الأنبياء: ١٠٢]، وإذا دخلوها فقد ذاقوا حرها، وسمعوا حسيسها، وأرف(١) بهم بأسها، وانطبق عليهم لهبها؛ وهذا من القول فمحال، لا يقال به في الله ذي العزة والجلال.
  وقال في مجموع كتب ورسائل الإمام عبد لله بن حمزة #:
  المسألة الثامنة والثلاثون: عن قوله ø: {وإن منكم إلا واردها كان على ربك حتما مقضيا}: هل يعني بذلك العرض، أم النار؟
  الجواب عن ذلك: أن المراد: العرضة؛ ولا بد من ورود جميع الخلق لها للحساب، المؤمن يحاسب حسابا يسيرا، والكافر عسيرا، فإذا كان ذلك نجى الله الذين اتقوا، وترك الظالمين فيها جثيا؛ لعظم الخطب، فيبعث عليهم عنقا من النار، مثل السيل، فتجترفهم كما يجترف السيل الغثاء، فيرمى بهم في النار؛ روينا ذلك عن ابن عباس ¥.
(١) هكذا في النسخة المنقول منها؛ فينظر في هذه الكلمة.