تفسير وبيان لبعض آيات القرآن،

عبد الرحيم بن محمد المتميز (معاصر)

قوله تعالى: {الرحمن على العرش استوى 5}

صفحة 205 - الجزء 2

  وتفسير العرش أيضا كتفسير الكرسي سواء سواء.

  هذا معنى قولنا: إن العرش هو: الله، وإن الوجه هو: الله، وإن الكرسي هو الله.

  فإن قال قائل: ألستم تقولون: هو الله؟

  قلنا له: نعم.

  فإن قال: فما معنى قوله: {رب العرش العظيم}⁣[التوبة: ١٢٩]، وقوله: {رب العرش الكريم}⁣[المؤمنون: ١١٦]؟

  قلنا له: معنى ذلك عندنا كمعنى قوله سبحانه: {رب العزة عما يصفون}⁣[الصافات: ١٨٠]، وهو العزيز بنفسه؛ وكذلك قلنا: إن العرش هو الملك، وهو الملك بنفسه. ومعنى: «رب الملك» و «رب العزة» أي: مالك الملك، ومالك العزة، يريد: صاحب الملك، وصاحب العزة.

  ومالك الشيء ورب الشيء سواء في المعنى، فلذلك جعلنا العرش متصلا بالله؛ لأنه ملك الله، وملك الله متصل به، ولذلك لم يكن بين الملك وبين الله فرق؛ لأنه لو جاز لنا أن نفرق بين الله وبين ملكه - لقلنا: إن الله خلق الملك - في زمن الملك - في ذاته، وملك الله ø فلا يقاس بملك العباد؛ لأن العباد إنما صاروا ملوكا بما ملكوا، والله فهو الملك بنفسه، ولا يزيد شيء مما خلق في ملكه.

  فإن قال قائل: فما معنى قوله: {وكان عرشه على الماء}⁣[هود: ٧]؟

  قلنا له: إن إحاطته بجميع الأشياء هي: العرش العالي فوق جميع الأشياء، وذلك العرش العالي فوق جميع الأشياء - هو: الله العالي على جميع الأشياء؛ فالله ø هو: المحيط بجميع الأشياء بعرشه، يريد: أنه المحيط بجميع الأشياء بملكه، أي: أنه علا فوق جميع الأشياء بنفسه، ليس ثم عرش ولا ملك غيره.

  ومعنى قوله: {وكان عرشه على الماء}⁣[هود: ٧]، يريد: أنه كان المحيط بالماء،