قوله تعالى: {أياما معدودات فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين فمن تطوع خيرا فهو خير له وأن تصوموا خير لكم إن كنتم تعلمون 184}
  سواء ... (إلى آخر كلامه #)
  وقال في موضع آخر عند ذكره قوله تعالى: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ١٨٤}:
  قال يحيى بن الحسين ~:
  معنى قوله سبحانه: {وعلى الذين يطيقونه} هو: وعلى الذين لا يطيقونه؛ فطرح «لا»، وهو يريدها، والقرآن فهو عربي مبين، وهذا فموجود في لغة العرب، وفي آي كثير من الكتاب موجود، والعرب تأتي بـ «لا» في كلامها وهي لا تريدها، وتطرحها وهي تريدها؛ استخفافا لها، فأما مجيؤها بالكلام الذي تريدها فيه، وقد طرحتها منه - فهو مثل ما ذكرها في الآيتين المتقدمتين، وفي مثل ذلك ما يقول الشاعر:
  نزلتم منزل الأضياف منا ... فعجلنا القرى أن تشتمونا(١)
  فقال: فعجلنا القرى أن تشتمونا، وإنما أراد: فعجلنا القرى أن لا تشتمونا، فطرحها وهو يريدها، وأما ما كان من كلامها مما تثبت «لا» فيه وهي لا تريدها، مثل قول الشاعر:
  بيوم جدود لا فضحتم أباكم ... وسالمتمو والخيل تدمى شكيمها(٢)
(١) من معلقة عمرو ابن كلثوم. شرح المعلقات السبع للزوزني (١/ ٢٢٢).
(٢) قال في العقد الفريد لابن عبد ربه الأندلسي (٦/ ٥٧): يوم جدود: غزا الحوفزان، وهو الحارث بن شريك، فأغار على من بالقاعة من بني سعد ابن زيد مناة، فأخذ نعما كثيرا، وسبى فيهنّ الزرقاء من بني ربيع بن الحارث، فأعجب بها وأعجبت به، وكانت خرقاء، فلم يتمالك أن وقع بها، فلما انتهى إلى جدود، منعتهم بنو يربوع بن حنظلة أن يردوا الماء، ورئيسهم عتيبة بن الحارث بن شهاب، فقاتلوهم، فلم يكن لبني بكر بهم يَدٌ، فصالحوهم على أن يعطوا بني يربوع بعض غنائهم، على أن يخلّوهم [أن] يردوا الماء، فقبلوا ذلك وأجازوهم، فبلغ ذلك بني سعد، =