قوله تعالى: {أياما معدودات فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين فمن تطوع خيرا فهو خير له وأن تصوموا خير لكم إن كنتم تعلمون 184}
  فقال: لا فضحتم أباكم، وإنما أراد: بيوم جدود فضحتم أباكم، فأدخل «لا» لغير سبب ولا معنى؛ صلة للكلام، والشاهد لذلك في كتاب الله تعالى: قول الله سبحانه: {لئلا يعلم أهل الكتاب}، فقال: لئلا يعلم أهل الكتاب، وإنما أراد تبارك وتعالى: ليعلم أهل الكتاب، ومن ذلك قول موسى - صلى الله عليه -: {ياهارون ما منعك إذ رأيتهم ضلوا ٩٢ ألا تتبعن أفعصيت أمري ٩٣}[طه]، فقال: ألا تتبعني، وإنما أراد: أن تتبعني، وهذا عند العرب فأعرب إعرابها، وأفصح ما تأتي به من خطابها ...
  (ثم ساق # الكلام في هذا الموضع، موردا شواهد أخرى، إلى أن قال:)
  فعلى ذلك يخرج معنى قول الله سبحانه: {وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مساكين}، يريد: وعلى الذين لا يطيقون الصيام ممن كان ذا ضعف وهلاك من الانام - {فدية طعام مساكين}، يقول: يطعم ثلاثين مسكينا عن الشهر كله، عن كل يوم مسكينا، غداه وعشاه.
  ثم قال: {فمن تطوع خيرا فهو خير له}، يريد سبحانه: من زاد فأطعم عن كل يوم مسكينين، وحمل على نفسه، وإن أضر ذلك به في بعض حاله - فهو خير له ... (إلى آخره).
= فقال قيس بن عاصم في ذلك:
جزى الله يربوعا بأسوأ سعيها ... إذا ذكرت في النائبات أمورها
وَيْوَمَ جَدُودٍ قَدْ فَضحتم أباكم ... وسالمتم والخيل تدمى نحورها.
إلخ. وانظر شرح أدب الكاتب للجواليقي (١/ ١٢٥)، والأغاني (١٤/ ٨٠).
قال في تاج العروس: (و) جَدُود: (علم) بعَيْنه من أَرض تَميم، قَريب من حَزْن بني يَربوع بن حَنظَلَةَ، على سَمْتِ اليَمامة، فِيهِ ماءٌ يُسمَّى الكُلاَب، وكانتْ فِيهِ وَقْعَةٌ مرّتين يُقَال للكُلاَب الأَوّلِ: يومُ جَدُود، وَهي لتَغلِبَ على بَكْرِ بن وائِلٍ، قَالَ الشاعِر:
أَرَى إِبِلي عَافَتْ جَدُودَ فَلَم تَذُقْ ... بهَا قَطْرَةً إِلاّ تَحِلّةَ مُقْسِم