تفسير وبيان لبعض آيات القرآن،

عبد الرحيم بن محمد المتميز (معاصر)

قوله تعالى: {وليستعفف الذين لا يجدون نكاحا حتى يغنيهم الله من فضله والذين يبتغون الكتاب مما ملكت أيمانكم فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا وآتوهم من مال الله الذي آتاكم ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء إن أردن تحصنا لتبتغوا عرض الحياة الدنيا ومن يكرههن فإن الله من بعد إكراههن غفور رحيم 33}

صفحة 283 - الجزء 2

  وإنما أمر الله بإتيانهم من ماله، ولاة الأمر من خلقه، الأئمة الهادين، والصفوة من الخلق المطهرين، أمرهم أن يؤتوهم مما جعل لهم في أيديهم من ثمن الصدقات؛ فلقد دل على ذلك من قولنا - سبحانه بأبين الدلالات، حين يقول سبحانه: {إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب}؛ والرقاب فهم: الذين أمر الله بإعطائهم، وإتيانهم من مال الله الذي آتى: أمر لهم. وقوله: {أتاكم} فمعناها: أجراه على أيديكم لهم، وجعلكم المستخرجين له من غيركم؛ لأنه أعطاهم إياه كما أعطاهم غيره من الأشياء، مثل: جزء الرسول من خمس الغنائم، الذي جعل أمره إلى الإمام يحكم فيه بأمره، وبما يراه من الأحكام، ويأكل ويشرب، وينكح فيه ويركب، ويلبس ويتكل في كل أموره عليه، ومثل: نصيبه في الفيء، ومثل: ما جعل له مما أجلى عنه المحاربون من غير أن يجلب عليهم المؤمنون؛ فكل ما ذكر من ذلك وشرحنا - فللإمام أكله، والانتفاع به.

  وأما ما ذكر الله من الصدقات اللواتي أمر الله الأئمة بأخذها من ذوي المقدرات، وجعلها في الرقاب وغيرها من الثمانية الأصناف المعروفات - فلا يحل لإمام المسلمين ولا لأهل بيته أجمعين فيها أكل ولا شرب ولا مناكح، ولا صرف درهم منها في شيء من المصالح؛ فلذلك وبه قلنا: إن بينما جعله لهم رزقا، وبين ما جعله الله على أيديهم، وأمرهم بالتسليم له إلى غيرهم - فرقا.

  وقال # في موضع آخر:

  وسألت عن: قول الله سبحانه، وجل عن كل شأن شأنه: {فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا}، فقلت: ما الخير؟

  وهم: العبيد والإماء الذين يطلبون الكتابة؛ فيكاتبون إذا علم فيهم خير. والخير فهو: الدين والتقوى، والوفاء والإعفاء، والورع والاهتداء؛ لا ما يقول غيرنا من: أنه المال، ويقيسون ذلك بقول الله: {إن ترك خيرا الوصية}. وليس