تفسير وبيان لبعض آيات القرآن،

عبد الرحيم بن محمد المتميز (معاصر)

قوله تعالى: {وليستعفف الذين لا يجدون نكاحا حتى يغنيهم الله من فضله والذين يبتغون الكتاب مما ملكت أيمانكم فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا وآتوهم من مال الله الذي آتاكم ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء إن أردن تحصنا لتبتغوا عرض الحياة الدنيا ومن يكرههن فإن الله من بعد إكراههن غفور رحيم 33}

صفحة 284 - الجزء 2

  ذلك كذلك، وإن اشتبه في اللفظ فهو مخالف في المعنى؛ وكيف يكون ذلك هو المال، ومال العبد لسيده؟! وهو لو علم بمال عند عبده فأخذه لكان ذلك له؛ فكيف يبتعه نفسه بمال هو له دونه؛ ألا تسمع كيف يقول: {وآتوهم من مال الله الذي آتاكم}، يريد: من ماله الذي جعله في أيديكم لهم، من الصدقات؛ قال الله سبحانه: {إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل لله وابن السبيل}، والرقاب فهم: المكاتبون المذكرون في الصدقات، المفروض لهم ثمن ما جبي من ذلك من الجبايات، إلا أن لا يكون منهم من يستعين في مكاتبته، ولا يجد الإمام ذلك في ولايته، فيصرف جزؤهم في أحق الأصناف السبعة الباقية.

  فأما ما يقول العامة من: أن المأمور بأن يؤتوهم من مال الله - من كاتب عبده، فإنه يجب أن يطرح عنه جزءا مما عليه - فليس ذلك بشيء، وليس على من باع شيئا، ورضي المشتري بما ابتاع واشترى - وضع درهم مما عليه بعد أن افترقا، ومضى عليه وبه الشراء.

  فأما من لم تؤمن بوائقه وشره، ولم يرج رشده وخيره - فلا يجوز مكاتبته ولا عتقه؛ لأن في ذلك له راحة من الملك القاسر له عن كثير من فعال العاصين، ومتى تخلصت رقبته من الرق تزايد في فعال الفاجرين، وتفرغ لمعاونة الظالمين، ومعاندة رب العالمين وكان من أعتقه ومن كاتبه معينا له على معاصيه؛ لما أطلق من حباله، وأسلس من عنانه، وقد علم بفجوره وعصيانه.

  وقال في كتاب الأحكام للإمام الهادي # في سياق كلام:

  وقال سبحانه فيما كان يفعله أهل الجاهلية، من إكراههم إمائهم على الزنا؛ ليستنجبوا أولادهن: {ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء إن أردن تحصنا لتبتغوا عرض الحياة الدنيا ومن يكرههن فإن الله من بعد إكراههن غفور رحيم}: فنهاهم عن حملهن على الزنا؛ لما يطلبون من أجعالهن، واستنجاب أولادهن، ثم