تفسير وبيان لبعض آيات القرآن،

عبد الرحيم بن محمد المتميز (معاصر)

قوله تعالى: {زينا لهم أعمالهم}

صفحة 317 - الجزء 2

  في مخاطبتها بعضها لبعض إذا أخطأ أحدهم على الآخر مرارا، فلم يجازه - قال له: «الذنب لي لا لك؛ أنا أفسدتك، وزينت لك عملك؛ بتركي المكافأة لك على قبيح فعلك، حتى ظننت أنه حسن جائز»؛ فهذا معنى التزيين من الله ø. ومعنى: {يعمهون} أي: يتحيرون ويتخبطون، ويموجون في ضلالهم، ولا ينتهون من غفلتهم.

  وقال في كتاب الرد على مسائل الإباضية للإمام الناصر بن الهادي عيه السلام:

  وسألت عن: قول الله ø: {إن الذين لا يؤمنون بالآخرة زينا لهم أعمالهم فهم يعمهون}، وقلت: كيف مخرج التزيين هاهنا؟

  قال أحمد بن يحيى @: هذه المسألة تخرج على وجهين، وكلاهما حسن.

  أما أحدهما فإنه يقول: زينا لهم أعمالهم من الطاعات، فتركوها فهم يعمهون.

  وأما الوجه الآخر: فإنه يجوز على الإمهال، كنحو ما تقول العرب: «أنا الذي زينت لك عملك، وأنا الذي أفسدتك»، وهو لم يزين له عمله ولم يفسده؛ ولكنه أمهله، ولم يغير عليه، ولم يمنعه؛ فكان تركه له وإمهاله إياه مزينا له فعله؛ إذ لم يحل بينه وبينه، ولم يمنعه، ولو منعه لم يكن من ذلك شيء؛ فإنه ø لم يقسر العباد على الطاعة قسرا، ولم يمنعهم من المعصية جبرا، ولو فعل ذلك سبحانه ما جاوز أحد أمره؛ ولكنه أمر تخييرا، ونهى تحذيرا، فلم يطع مكرها، ولم يعص مغلوبا؛ ليهلك من هلك عن بينة، ويحيى من حي عن بينة وإن الله لسميع عليم، وإنما مخرج {زينا} على مجاز الكلام. وقال جل ثناؤه: {ولكن الله حبب إليكم