تفسير وبيان لبعض آيات القرآن،

عبد الرحيم بن محمد المتميز (معاصر)

قوله تعالى: {وآتيناه من الكنوز ما إن مفاتحه لتنوء بالعصبة أولي القوة إذ قال له قومه لا تفرح إن الله لا يحب الفرحين 76}

صفحة 327 - الجزء 2

  بالفساد، وطرقت لك إليه»، يريد: بترك المكافأة، وإنما خاطبهم الله بلغتهم.

  والوجه الثاني فهو: خلق الله ø للتبر؛ فلما أن أوجده ملكه قارون، فجاز أن يقول الله سبحانه: {آتيناه}، أي: لولا خلقنا له ما وجده، فكان هذا ذما لقارون؛ إذ استعان بنعم الله وإحسانه على معاصيه، ولم يؤد فيه ما أمر بتأديته، فالله ø جعل هذه الأموال وخلقها؛ لمصالح عباده، ولأهل طاعته، فاستعانوا بها على معصيته؛ وما حال الكنوز إلا كحال الماء والطعام، والزرع والنعم التي أنعم الله بها على خلقه، فاستوى فيها البر والفاجر؛ لكمال النعمة، وإقامة الحجة؛ أفيقول قائل: إن بإطعام هذا الكافر وإسقائه الماء يلحق الله ø في ذلك ذم؟! بل ذلك إقامة حجة، وإبلاغ في المعذرة، وإكمال في النعمة؛ ألا تسمع كيف يقول سبحانه: {أفرأيتم ما تحرثون ٦٣ أأنتم تزرعونه أم نحن الزارعون}⁣[الواقعة: ٦٣، ٦٤]، {أفرأيتم الماء الذي تشربون ٦٨ أأنتم أنزلتموه من المزن أم نحن المنزلون}⁣[الواقعة: ٦٨، ٦٩]، فذكر تبارك وتعالى: أن هذه الأشياء وأمثالها منه نعمة وحجة على الخلق، وإيتاؤه إياهم فإنما هو منه ø: إيجاده وخلقه، ولولا أنه سبحانه أوجده وخلقه ما وجده أحد ولا انتفع به.

  والوجه الثالث فهو: لما أن كان الملك لا يقوم إلا بالخيل والرجال، والعدة والسلاح، والأموال والمماليك، وكانت هذه الأشياء خلقها الله ø وأوجدها - خرج اللفظ على: إيتاء هذه النعمة للذي هي معه؛ بخلق الله لها، وذلك تبكيت له وتقريع بخطاياه، وقلة شكره على ما أفضى إليه، مما جعله الله عونا على طاعته، فصرفه أعداؤه في معصيته، كما قال سبحانه: {زينا لهم أعمالهم}⁣[النمل: ٤]، والله لم يزين لهم عملا، وإنما أراد: أنه أملا لهم، وأخر العقوبة عنهم.

  فأما أن يكون ø أعطى أهل الظلم ملكا، أو حكم لهم به - فالله من