تفسير وبيان لبعض آيات القرآن،

عبد الرحيم بن محمد المتميز (معاصر)

قوله تعالى: {وآتيناه من الكنوز ما إن مفاتحه لتنوء بالعصبة أولي القوة إذ قال له قومه لا تفرح إن الله لا يحب الفرحين 76}

صفحة 328 - الجزء 2

  ذلك بريء سبحانه، وجل عن كل شأن شأنه؛ وكيف يقول بذلك قائل، والله سبحانه يقول: {لا ينال عهدي الظالمين}⁣[البقرة: ١٢٤]، ويقول: {قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون}⁣[التوبة: ٢٩]، ويقول: {فقاتلوا أئمة الكفر إنهم لا أيمان لهم لعلهم ينتهون}⁣[التوبة: ١٢]؟! فكل ذلك يأمر الله سبحانه بقتل المبطلين وقتالهم، ويوجب الجنة في جهادهم، ويعذب من تخلف عن حربهم؛ فليس أحد يقول بغير ذلك إلا كان مخالفا، ولما جاء به الكتاب مجانبا، وقد توضح في ذلك ما فيه كفاية لك، وكاشف لما التبس في قلبك، والله ولي عونك وتوفيقكم.

  وقد قيل: إن النمرود - عليه لعنة الله - لما فلجه إبراهيم ~، وقطع حججه وبهره بالآيات العظيمة التي جاء بها، فلم يبق له كلام ولا حجة - كان آخر قوله - لعنة الله عليه - عند القهر له، وثبوت الحجة عليه، وعلى من معه: هل يستطيع ربك أن يقاتلني، فقد طالت الحجة بيني وبينك، وليس إلى ما تطلب من سبيل إلا بغلبة؛ فهل إلى ما سألتك من قتال ربك سبيل، أو يقدر علي، أو له جند ينتصر بهم مني؟ فأوحى الله تبارك وتعالى إلى إبراهيم صلى الله عليه: «أن عده طلوع الشمس غدا». فقال له إبراهيم #: «فإن ميعادك في ما سألت طلوع الشمس غدا»؛ فبات الملعون يجمع عساكره، ويؤلف جمائعه، حتى أصبح وقد حشد خلقا عظيما لا يحصى، ثم أرسل إلى إبراهيم حين أصبح، فدعاه، فقال: يا إبراهيم، أين ما وعدتني؟ فقال له #: «أتاك الأمر مع طلوع الشمس، فلما طلعت الشمس طلعت متغيرة لا يبين ضوؤها». فقال: يا إبراهيم، ما بال الشمس اليوم؟ فقال له: «إنه قد ذهب بنورها كثرة الجند الذي وجههم الله إليك، وأنه ø قد أرسل عليك أضعف جنده، وهو الفراش»، ثم غشي الملعون وأصحابه الفراش، فعلق يدخل آنافهم