تفسير وبيان لبعض آيات القرآن،

عبد الرحيم بن محمد المتميز (معاصر)

قوله تعالى: {وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل}

صفحة 94 - الجزء 1

  وإطلاقا، ولو لم يكن ذكر النفر المتأخر لجعل النفر الأول الواجب الذي لا يجوز التخلف عنه، ولو ذكر النفر الآخر ولم يذكر الأول لم يجز لأحد أن ينفر دونه، فلما أن كان له سبحانه في النفر حكمان، أول وآخر - قال: {فمن تعجل في يومين} من قبل النفر الآخر فهو جائز له وغير مأثوم، ومن تأخر عن هذا الأمر الأول، ونفر في النفر الآخر فهو مباح في ذلك، غير محظور عليه؛ فلما أمر ø بالنفرين - جعلهما نفرين، أول وثاني، فلو ذكر الثاني ولم يذكر الأول لحرم على الناس النفر في الأول، ولو ذكر الأول وأغفل الثاني لوجب النفر في الأول، فلما أن ذكرهما ø، وأمر بهما - صار حدا للنفر، وأبيحوا فيهما المضي، فقال سبحانه: {فمن تعجل في يومين} فقد أبحت ذلك له، {ومن تأخر} من بعد ما أطلقت من النفر الأول فغير محظور عليه، فصار الأمر فيهما مباحا لا محظورا؛ إذ جعلهما وقتا، ولم يحظر في أحدهما أمرا دون الآخر، ولو كان حظر لوجب النفر فيه بحظر الله له؛ فهذا معنى ما سألتم عنه.

  · قوله تعالى: {وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ}⁣[البقرة: ٢٠٥]

  قال في مجموع كتب ورسائل الإمام زيد بن علي #، في سياق كلام عند ذكره لهذه الآية ما لفظه:

  وإنما الفساد في الأرض: العمل بمعصية الله؛ قالت الملائكة: {أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك}⁣[البقرة: ٣٠]، وإنما هلاك الحرث: هلاك الدين، قال الله ø: {من كان يريد حرث الآخرة نزد له في حرثه}⁣[الشورى: ٢٠]. وحرث الآخرة: العمل الذي يدين الله به عباده من الخير؛ وإنما هلاك النسل: أمر نسل الناس أن يحملوا غير دين الحق. قال الله جل ثناؤه: {وبدأ خلق الإنسان من طين ثم جعل نسله من سلالة من