قوله تعالى: {إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا 72}
  فيها، وفيما عظم من خطرها، وأجل من أمرها: {يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود}[المائدة: ١]؛ فكل ما ذكرنا فهو أمانة عند العالمين، واجب عليهم تأديتها عند رب العالمين.
  وقال في كتاب مجموع تفسير بعض الأئمة، من الآيات التي سئل عنها الإمام الهادي #:
  وسألت عن: قول الله: {إنا عرضنا الأمانة على السموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا}؟
  قال: قد يخرج معنى هذا على طريق المثل: أنه لو كان في السموات والأرض والجبال من الفهم والعقل، والتمييز والمعرفة، ما في الإنسان - لأشفقن من حمل إثم الأمانة وتقلدها. والأمانة فهي: أمانة الله التي استودعها خلقه، وعقدها في رقابهم، من أداء حقه، والقيام بأمره، وأخذ الحق وإعطائه، ومن ذلك: أمانات الخلق فيما بينهم، وما يتظالمون به، ويجترون على الله به، فيما يقولون؛ لو كان في السموات والأرض والجبال من التمييز ما في الإنسان - لأشفقن مما تقلده الإنسان، فدخل فيه، من أداء الأمانة، والجزاء على الظلم فيها، والتقلد لها.
  وقال # في موضع آخر منه:
  هذا مثل مثله الله تبارك وتعالى، يريد سبحانه: أنا لو جعلنا في السموات والارض تمييزا وفهما يفهمن به قدر الأمانة، ثم عرضت عليهن الأمانة - لأبينها، وأشفقن منها. ومعنى عرض الأمانة عليهن فهو: التكليف لحمل موثقها، يقول: لو كلفناهن حمل وثائق الأمانة لأشفقن من نقضها، وأشفقن من خيانة ما فيها، ولم يفعلن - بعد المعرفة والتمييز لها - ما يفعله الإنسان من الإقدام على نقضها، والغدر بمؤكدات مواثيقها، وحمل إثمها، وجليل سخط الله في نقضها. وحمل الإنسان لها فهو: حمل إثم الغدر بها، والارتكاب لسخط الله فيها. {إنه