قوله تعالى: {إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون 82}
  كلها، فضلا عن السماوات التي هي أضعافا من الأرض وعظمها وكبرها.
  ثم مثل تعالى سرعة فعله من خلقه وصنعه، بقوله ø: {إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون}، خبر من الله ﷻ وإفهام لعباده، وتبيين أنه لا يعاني من أذى خلقه من الخلق والصنع والأمور بمعاناة كلفة، ولا مزاولة كف ولا بنان؛ إذ هو متعال عن أن يوصف بأعضاء وغير شبيه بالإنسان، وأن أمره إذا أراد خلقا أو شيئا، أن يقول له في أسرع من لمح البصر: «كن» فيتمثل كائنا، يقول الله سبحانه منزها: {فسبحان الذي بيده ملكوت كل شيء}؛ فسبحان هاهنا وفي جميع القرآن فإنما معناها: بعدان، يريد الله سبحانه: أنه بعيد عما قال به الجاهلون، وأنكره من قدرته على إحياء الموتى الكفرة الذين لا يعقلون.
  وأما قوله تعالى: {الذي بيده ملكوت كل شيء} فمعناه - والله أعلم -: الذي في ملكه وقدرته ملكوت كل شيء، واليد عند العرب وأهل الفصاحة منهم فهي: القدرة، لا اختلاف في ذلك بينهم؛ ولذلك ما يقول الله ø في تنزيله، عند الصداق في النكاح وذكره: {إلا أن يعفون أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح}، فعقدة النكاح ليست: بعقد حبل معقودة، ولا هي في يده وقبضته ترى كالعقد معاينة موجودة، وإنما هي في يده بملكه لها وولايته إياها، فكذلك الله: فبيده ملكوت كل شيء؛ إذ يقول: الله المالك للأشياء كلها الذي خلقها وابتدأها؛ والملكوت في اللسان فهو: الملك كله جميعا في البيان، وكذلك الجبروت فهو: التجبر والتعظم، الذي لا يجوز لغير الله، وهو كله لله معا.
  وقوله سبحانه، وجل وتقدس وعظم عن أن يضرب في شيء مثلا: {وإليه ترجعون} - فأصدق القول؛ إذ الخلق جميعا إليه مرجعهم عند الموت والوفاة، وحين يبعثون.