تفسير وبيان لبعض آيات القرآن،

عبد الرحيم بن محمد المتميز (معاصر)

قوله تعالى: {أني مسني الشيطان بنصب وعذاب 41}

صفحة 441 - الجزء 2

  ورجع إلى أفضل ما كان عليه أولا، ورد الله عليه أهله وماله، وأمره أن يأخذ ضغثا، فيضرب المرأة؛ كفارة اليمين التي حلف، فقال بعض الرواة: إنه أخذ من هذا الذي يكون فيه التمر، فجمع منه مائة غصن، فضربها به ضربة. وقال بعضهم: إنه ضربها به ضربتين. واختلف في ذلك، غير أن الصحيح من ذلك: أنه قد جمع ضغثا، فضربها به.

  قلت: فإبليس كيف كان إتيانه إلى أيوب صلى الله عليه؟

  قال: لم يره عيانا، وإنما سمع كلامه، ولم ير شخصه. وقد قال بعض الجهلة: إنه تصور له في صورة غير صورته، وليس ذلك كما قالوا، وكيف يقدر مخلوق أن يغير خلقته، ويحول نفسه صورا مختلفة؟! وليس يقدر على ذلك إلا الله رب العالمين، الذي خلق الصور والأجسام، ونقلها من حال إلى حال؛ فسبحان الله رب العرش عما يصفون، ولا إله إلا هو الرحمن الرحيم.

  وقال في شرح الرسالة الناصحة للإخوان للإمام عبد الله بن حمزة عليه لسلام:

  المراد بالنصب والعذاب هاهنا: الوسوسة، ففزع إلى الله تعالى؛ ليعرف حكم الحادثة؛ لأنه لما أقسم ليجلدن امرأته مائة جلدة، كان إذا أجمع⁣(⁣١) ~ على ذلك - وسوسه: بأن نبيا من أنبياء الله يجلد امرأة مؤمنة مائة جلدة في غير حق الله سبحانه؛ هذا لا يجوز. فإذا أضرب عن جلدها - ولم يكن من شرعه ~ الكفارة، لولا ذلك كفر، ولم ينصب إليه شيء من الله - [وسوسه: بأن نبيا من أنبياء الله] يحلف بالله على إمضاء أمر يقدر على إمضائه ولا يمضيه، فبقي في غاية النصب والعذاب، ففزع إلى خير مفزع، وهو الله سبحانه، فأمره بأمر أبر فيه قسمه، وتحلل من أليته، ولم يؤذ المؤمنة وقوعه؛ فهذا أكبر ما


(١) قال في مختار الصحاح: أجمع على الأمر: إذا عزم عليه.