قوله تعالى: {وكل شيء فعلوه في الزبر 52 وكل صغير وكبير مستطر 53 إن المتقين في جنات ونهر 54 في مقعد صدق عند مليك مقتدر 55}
  وقال في كتاب مجموع تفسير بعض الأئمة، من الآيات التي سئل عنها الإمام الهادي #:
  وسألته عن: قول الله سبحانه: {وكل شيء فعلوه في الزبر}، إلى آخر السورة؟
  فقال: الزبر هنا هي: العلم، يقول: كل شيء فعلوه وأحدثوه وقالوه - هو في علمنا ثابت مستقر، لا يزل منه ما كبر وما صغر. {وكل صغير وكبير مستطر}، معنى: {مستطر} فهو: مكتوب، ومعنى مكتوب فهو: محفوظ. {إن المتقين في جنات ونهر}، فالنهر: نهر الأنهار التي تجري في الجنان. ومعنى: {مقعد صدق} فهو: محل صدق. {عند مليك مقتدر}، معنى: {عند}: لدى، {مليك} فهو: المالك لكل شيء. {مقتدر}، فهو: القادر على كل ما يريد، الذي لا يمتنع منه قريب ولا بعيد.
  وقال في كتاب ينابيع النصيحة للأمير الحسين بن بدر الدين #، في جوابه على المشبهة المثبتين للمكان:
  ومن جملة ما تعلقوا به في المكان: قوله تعالى: {في مقعد صدق عند مليك مقتدر ٥٥}، قالوا: فهذا يوجب كونه في مكان.
  والجواب: أنه يريد به: الرفعة والمنزلة العالية، كما يقال: «فلان عندي بالمنزلة الخطيرة، ولفلان عندي جاه عريض، وهو عندي بالمنزل الأعلى والدرجة العالية»، ويدل على ذلك: قوله تعالى: {ولو ترى إذ المجرمون ناكسوا رؤوسهم عند ربهم}[السجدة: ١٢]، ولا خلاف بين الأمة أن المجرمين لا يكونون عند الله على جهة المكان، وإنما هو وصف أحوالهم، وكذلك قوله تعالى: {وعنده علم الساعة}[الزخرف: ٨٥]؛ فإنه ليس المراد به: أن علم الساعة في مكان، وإنما أراد: أنه عالم به، وكذلك قوله تعالى: {فعند الله ثواب الدنيا والآخرة}[النساء: ١٣٤]،