تفسير وبيان لبعض آيات القرآن،

عبد الرحيم بن محمد المتميز (معاصر)

قوله تعالى: {ياأيها الذين آمنوا لا تلهكم أموالكم ولا أولادكم عن ذكر الله}

صفحة 121 - الجزء 3

  وردوا المدينة أخذ ابن عبد الله السيف، ثم أتى إلى أبيه به مسلولا، ثم قال: والذي بعث محمدا بالحق نبيئا لتقولن: إن رسول الله الأعز، وأنت الأذل، أو لأضربن رأسك بالسيف. فلما رآه مزمعا على قتله إن لم يقل ما أمره به قالها صاغرا داخرا مكرها، فلما أن بلغ عبد الله ابن أبي أن رسول الله قد علم بقوله أتى إليه في جماعة من المنافقين، فحلف له بالله مجتهدا جاهدا: إن كنت قلت ما بلغك عني، ولا تكلمت بهذا الكلام. وحلف إخوانه المنافقون: ما قاله، ولا تكلم به، ولقد كنا حاضرين للفظه، ولجميع قوله. فأنزل الله فيهم على نبيئه صلى الله عليه وعلى آله: {اتخذوا أيمانهم جنة فصدوا عن سبيل الله}.

  معنى {اتخذوا} فهو: جعلوا. {أيمانهم} معناها: قسمهم وحلفهم بالله. {جنة}، فمعنى {جنة} أي: تقية يتقون بها، وسترا يستترون به من رسول الله صلى الله عليه وآله، ويدفعون بها ما يجب عليهم في فعلهم من العقوبة، التي تجب عليهم في قولهم ذلك عند رسول الله صلى الله عليه وآله. {فصدوا عن سبيل الله}، يقول: إنهم صدوا عن الحق، وعن طاعة رسول الله صلى الله عليه وعلى أهله، حين زالت عنهم العقوبة؛ لعفو رسول الله صلى الله عليه وآله عنهم، عندما كان من أيمانهم وحلفهم له، فصدوا أنفسهم عن اتباع الحق، وصدوا غيرهم، ومعنى صدوا فهو: أعرضوا وتركوا سبيل الله التي أمرهم بسلوكها، من أبواب طاعته، وأنواع فرائضه. {إنهم ساء ما كانوا يعملون}، يقول: إنهم بئس ما كانوا يعملون، فمعنى {ساء} أي: قبح ما كانوا يعملون، ومعنى {يعملون} فهو: يفعلون ويصنعون، من صدهم عن سبيل الله، ودعائهم إلى غير الله، وتكذيبهم لرسول الله.

  ثم أخبر سبحانه من أين نزل بهم خذلان الله، حتى فضحهم الله في كتابه، وأطلع المؤمنين على عوراتهم في فرقانه، فقال: {ذلك بأنهم آمنوا ثم كفروا فطبع على قلوبهم فهم لا يفقهون}؛ فأخبر سبحانه: أنهم آمنوا في أول أمرهم، ثم