تفسير وبيان لبعض آيات القرآن،

عبد الرحيم بن محمد المتميز (معاصر)

قوله تعالى: {ياأيها الذين آمنوا لا تلهكم أموالكم ولا أولادكم عن ذكر الله}

صفحة 125 - الجزء 3

  سبحانه: {يؤفك عنه من أفك}⁣[الذاريات: ٩] معناها: يستل عنه من فرط وقصر، في يوم الجزاء بمن قصر، ويعرض في ذلك اليوم عمن أعرض في الدنيا عما دعي إليه من الهدى، فأفك في قبول الهدى، وفي تعلقه بضده من الردى، وسلوكه في طريق الحيرة والعمى.

  ثم أخبر سبحانه بعتوهم واستكبارهم، وإعراضهم عن الله سبحانه وإدبارهم، فقال سبحانه: {وإذا قيل لهم تعالوا يستغفر لكم رسول الله لووا رؤوسهم ورأيتهم يصدون وهم مستكبرون}، معنى قوله: {وإذا قيل لهم} هو: متى قيل لهم. {تعالوا يستغفر لكم}، معنى {تعالوا} هو: ائتوا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله، واسألوه يستغفر لكم ربكم، ومعنى {يستغفر لكم} فهو: يسأل الله المغفرة لكم، والتوبة عليكم. {لووا رؤوسهم} هو: أعرضوا عن الحق، وهو شيء يفعله الكاره للشيء، إذا دعي إليه لوى رأسه في شق، وأعرض اعراضا عن المكلم له، بما لا يهوى. {ورأيتهم يصدون}، يقول: أبصرتهم يعرضون عن الحق اعراضا، ويعندون عن الله عنودا، ويصدون {وهم مستكبرون}، ومعنى {مستكبرون} أي: متجبرون، لا يعرفون الله ولا يهتدون، ولا له سبحانه يتذللون.

  ثم أخبر سبحانه نبيئه بأنه لن يغفر لمثلهم، ممن كان مصرا على مثل ما هم عليه مصرون، من الكفر والفجور والفسق، وارتكاب الشرور، فقال سبحانه: {سواء عليهم أستغفرت لهم أم لم تستغفر لهم لن يغفر الله لهم إن الله لا يهدي القوم الفاسقين}: معنى {سواء عليهم} فهو: سواء عندهم؛ لفسقهم. {أستغفرت لهم أم لم تستغفر لهم}؛ إذ هم بك مكذبون، وعلى الله مجترون، فهم لا يوقنون بك، فيطلبوا استغفارك، ولا يصدقونك فيتبعوا دينك. وقد يكون معنى: {سواء عليهم أستغفرت لهم أم لم تستغفر لهم}: أن يكون الله تبارك وتعالى أخبر نبيئه صلى الله عليه وآله أنه لن يقبل استغفاره لهم لو استغفر؛ إذ هم مصرون على كبائر