تفسير وبيان لبعض آيات القرآن،

عبد الرحيم بن محمد المتميز (معاصر)

سورة التغابن

صفحة 138 - الجزء 3

  {والأرض} فهي: الأرض المدحوة، الذي جعلها سبحانه لخلقه فراشا، وقدرها سبحانه لهم مهادا. {بالحق} فهو: بالعدل والصدق، ومعنى: «بالعدل والصدق» فهو: جعلها وجعل ما فيها على الحق و الصدق، ومعنى: «على الحق والصدق» فهو: أمر من فيهما به، وافترض عليهم اتباعه. {وصوركم فأحسن صوركم} يقول: خلقكم وقدركم، فأتقن ما خلق من صوركم، ومعنى: {فأحسن} هو: فأجاد وأتقن ما برأ من بريتكم، ودبر من أمركم، وقدر من نباتكم. {وإليه المصير} يقول: إليه المرجع والمعاد، وإليه مصير كل العباد.

  {يعلم ما في السموات والأرض ويعلم ما تسرون وما تعلنون والله عليم بذات الصدور}، ومعنى قوله: {يعلم} فهو: يحفظ ويخبر، ولا يسقط عنه شيء صغر ولا كبر. {ما في السموات}، يخبرهم: أنه عالم بكل ما في السموات والأرض، من كل شيء من الأشياء من جسم أو عرض، من فكر أو خاطر في قلوب المخلوقين، وأنفس المربوبين؛ ألا تسمع كيف يقول سبحانه: ويعلم ما يسرون في أنفسهم فيخفونه، أو يظهرونه من أمرهم فيعلنونه. {والله عليم بذات الصدور}، فأخبر سبحانه: أنه عالم بكل ما تكنه صدور العالمين، وتخفيه سرائر المخلوقين، ومعنى قوله: {بذات الصدور} فهو: بما في الصدور، من جميع الأمور.

  ثم قال سبحانه احتجاجا عليهم وتنبيها لهم، بما كان من أمر القرون التي كانت من قبلهم: {ألم يأتكم نبأ الذين كفروا من قبل فذاقوا وبال أمرهم ولهم عذاب أليم}، معنى {ألم} فهو: أليس. و {يأتكم} فمعناها: يجيئكم، ويصل بكم ويبلغكم؛ فأراد بقوله: {ألم يأتكم}: أليس قد جاءكم؛ فطرح «قد»؛ لأن «ألم» تقوم مقام «أليس» و «قد»، جمعتا في لغة العرب، وكذلك {يأتكم} تقوم مقام: «جاءكم» في اللغة العربية. {نبأ} فمعناه: خبر. {الذين كفروا}، ومعنى {كفروا} فهو: كذبوا وصدوا، وأنكروا وجحدوا. {من قبل} فهو: من أول