سورة التغابن
  الأمر. {فذاقوا} فمعناها: فوجدوا وعاينوا عقوبة صنعهم، وواقعوا جزاء فعلهم. ومعنى {وبال} فهو: نكال عقوبة أمرهم. و {أمرهم} فمعناه: فعلهم، ومعنى فعلهم فهو: ما كان من اجترائهم وكفرهم. {ولهم عذاب أليم} يقول: في الآخرة عذاب أليم، والعذاب فهو: التعذيب بالنار، والنكال من الله لهم والتنكيل؛ فأخبر سبحانه بقوله: {ولهم عذاب أليم}: أن الذي ذاقوا، أي: بما عملوا من وبال كان في الدنيا، وأن في الآخرة لهم من العذاب ما هو أنكى، وأشد وأبلى.
  ثم أخبر سبحانه بما ذاقوا ذلك كله، من عذاب الدنيا، وعذاب الآخرة التي تبقى، فقال سبحانه: {ذلك بأنه كانت تأتيهم رسلهم بالبينات فقالوا أبشر يهدوننا فكفروا وتولوا واستغنى الله والله غني حميد}، معنى {ذلك}: نزل ذلك العذاب بهم في الدنيا والآخرة؛ لأنه كانت تأتيهم رسلهم بالبينات، ومعنى {بأنه} فهو: لأنه، ومعنى {كانت} فهو: إخبار عن فعل الرسل À، وإتيانها بالنذر إليهم، وإشهادها الله سبحانه عليهم. {تأتيهم} فمعناها: تجيئهم وتصير إليهم. {رسلهم} معناها: الرسل المرسلة إليهم؛ فلما أن كانت مرسلة إليهم، شاهدة عليهم - جاز أن يقال: رسلهم، وإنما هي رسل الله، لا رسلهم؛ فنسبها سبحانه إليهم؛ إذ كانوا مرسلين إليهم، شاهدين عليهم. {بالبينات}، ومعنى {بالبينات} فهي: بالآيات القاهرات الظاهرات، والعلامات الظاهرات النيرات، التي كانت الرسل À تأتيهم بها من عند ربهم. {فقالوا أبشر يهدوننا}، ومعنى {فقالوا} أي: فنطقوا وتكلموا بالمحال والاستكبار، والجرأة على الله الواحد الجبار. {أبشر يهدوننا}، يريدون أي: بشر مثلنا يدعوننا إلى الله، ويأمروننا؛ فلم يطيعوا الله فيما أمرهم، واستكبروا عن طاعة بشر مثلهم، إذ كانوا رسلا لربهم. ومعنى {يهدوننا} فهو: يعلموننا ويأمروننا، ويوقفوننا على سبيل الله ويهدوننا. {فكفروا}، معناها: كذبوا