تفسير وبيان لبعض آيات القرآن،

عبد الرحيم بن محمد المتميز (معاصر)

سورة التغابن

صفحة 140 - الجزء 3

  وعصوا، وجحدوا فلم يطيعوا. ومعنى {تولوا} فهو: أعرضوا عن الحق وأبوا، وتركوه وعتوا. {واستغنى الله}، فمعنى: {استغنى} فهو: إخبار من الله سبحانه باستغنائه عن الخلق، وقلة حاجته إلى من أعرض عن الحق؛ لأنه إنما دعاهم لحاجتهم ومنفعتهم، لا لمنفعة له في شيء من إجابتهم. {والله غني حميد}، فالغني هو: المستغني المكتفي بنفسه في جميع أموره، النافذة إرادته في كل خلقه، والحميد فهو: المحمود على نعمه، المشكور على آلائه.

  ثم أخبر سبحانه بقول الكافرين وجحدانهم لوعيد رب العالمين، الذي جاءت به إليهم رسلهم، وأدته إليه أنبياؤهم، من بعثهم وحشرهم، ومجازاتهم على ما كان من فعلهم، فقال سبحانه: {زعم الذين كفروا أن لن يبعثوا قل بلى وربي لتبعثن ثم لتنبؤن بما عملتم وذلك على الله يسير}، معنى {زعم} فهو: قال وذكر، وتكلم وأخبر. {الذين كفروا} فهم: الذين كذبوا بما به أخبروا، وعليه من الله أطلعوا، من البعث والحساب، والثواب والعقاب. {أن لن يبعثوا} معناه: أنهم لن يبعثوا، ومعنى {لن} فهو: لا؛ فأراد سبحانه: زعم الذين كفروا أنهم لا يبعثون، فلما أن طرح «لا»، وأثبت مكانها «لن»، و «لن» حرف ينصب ما بعده - ذهبت النون من: «يبعثون»، علامة للنصب، فبقي: «يبعثوا»، ومعنى {يبعثوا} فهو: يحيوا ويحشروا، ويردوا بعد الموت أحياء وينشروا. ثم أمر سبحانه نبيئه صلى الله عليه وعلى آله بإكذاب قولهم، والرد في زورهم عليهم، فقال: {قل بلى وربي لتبعثن ثم لتنبؤن بما عملتم وذلك على الله يسير}، معنى {قل} هو: أمر من الله بقول ذلك لهم، وإيقاعه في أسماعهم. {بلى وربي} فهو: قسم، أمره أن يقسم بربه على بعثهم: إنه لكائن، ومعنى {بلى} فهو: إيجاب لقوله، وإكذاب لقولهم، وهي: كلمة تستعملها العرب، يوجب بها المتكلم إذا قالها قوله، ويكذب بها قول محاجه، ويدفع بها قول مناظره. {وربي} فهو: خالقي، ومعنى {وربي} فهو: وحق ربي. {لتبعثن}