تفسير وبيان لبعض آيات القرآن،

عبد الرحيم بن محمد المتميز (معاصر)

سورة التغابن

صفحة 141 - الجزء 3

  معناها: لتخرجن من قبوركم، ولتحشرن إلى ربكم، ولتبعثن أحياء بعد موتكم. {ثم لتنبؤن}، معنى {ثم} فهو: معنى الواو، وينسق بها كما نسق بالواو، يريد: لتبعثن ولتنبؤن، ومعنى {لتنبؤن} فهو: لتخبرن ولتحاسبن، ولتجدن جزاء فعلكم، ولتجازون {بما عملتم}، ومعنى الباء التي في: {بما} هو: على؛ لأن الباء من حروف الصفات، و «على» من حروف الصفات، فقامت الباء مقام «على»؛ لأن حروف الصفات يعقب بعضها بعضا، وأراد: لتجازون على ما عملتم، ومعنى قوله: «لتخبرن بما عملتم» فهو في هذا الموضع: لتعرفن جزاء ما عملتم، من كذبكم وكفرانكم، وظلمكم وجحدانكم؛ فأراد الله تبارك وتعالى بقوله: {لتنبؤن} في هذا الموضع: لتجازون، ولتعاقبن على فعلكم، ولم يرد: لتخبرن عن فعلكم الذي تقدم منكم؛ لأنهم عالمون بما تقدم من فعلهم، وليس التذكرة لهم بأفعالهم هو المعنى الذي قصده الله في هذا الموضع، وإنما قصد الجزاء، يقول سبحانه: {لتنبؤن} أي: لتعلمن ولتجدن عقوبة كفركم، عندما يكون من بعثكم، في يوم حشركم. {وذلك على الله يسير}، معنى {ذلك} يعني: البعث والحساب والجزاء، وقوله: {على الله يسير} يقول: على الله سهل هين حقير.

  ثم أمرهم سبحانه بالإيمان به وبرسوله والنور الذي أنزل؛ احتجاجا منه عليهم، وتثبيتا لحجته فيهم، فقال ، عن أن يحويه قول أو يناله: {فآمنوا بالله ورسوله والنور الذي أنزلنا والله بما تعملون خبير}، معنى {فآمنوا} فهو: أمر من الله لهم بالإيمان، والإيمان فهو: التصديق، يقول: صدقوا بأمر الله وبرسوله، يقول: وصدقوا بالنور الذي أنزلنا؛ والنور فهو: الحق الذي جاء به رسوله إليهم، من أمره ونهيه، وإعذاره وإنذاره، وكلما ذكر لهم من خبره، من بعث أو حساب، أو نشر أو ثواب. {الذي أنزلناه}، يقول: أوحينا وجعلنا لكم، وأمرنا الرسل بتبليغه إليكم. {والله بما تعملون خبير}، يخبر سبحانه: