تفسير وبيان لبعض آيات القرآن،

عبد الرحيم بن محمد المتميز (معاصر)

سورة التغابن

صفحة 145 - الجزء 3

  ثم أمر سبحانه بما فيه النجاة لمن قبله فقال: {وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول فإن توليتم فإنما على رسولنا البلاغ المبين}، معنى {أطيعوا الله} فهو: ابتعوا أمر الله في كل ما يأمركم به فافعلوه، وما ينهاكم عنه فاتركوه، {وأطيعوا الرسول} فيما يأمركم به من أمرنا، ويبلغكم من رسائلنا، ويفترض عليكم من فرضنا. {فإن توليتم}، يقول: فإن أعرضتم وكذبتم، ولم تقبلوا على الرسول، ولم تأتمروا بما أمركم به من أمرنا. {فإنما على رسولنا البلاغ المبين}، يقول: فإنما عليه أن يبين البلاغ لكم، ويبلغكم ما به أمركم ربكم، وليس عليه أن يجبر قلوبكم، ويصلح سريرتكم، كما عليه أن يصلح علانيتكم، إنما عليه صلى الله عليه وعلى آله أن يضربكم بالسيف حتى تسلموا لما بلغكم عن الله، وأمركم به من دين الله، وليس عليه صلاح قلوبكم؛ إذ كان غير قادر على ذلك منكم؛ لأنه لا يعلم الغيب إلا الله، ولا يطلع على السرائر إلا الله، و {البلاغ المبين} فيقول: البلاغ الظاهر النير، الذي لا يخفى منه شيء ولا يستتر.

  {الله لا إله إلا هو وعلى الله فليتوكل المؤمنون}؛ فأخبر سبحانه: أن المرسل بالبلاغ المبين هو الله، الذي لا إله إلا هو، ومعنى {لا إله إلا هو} فهو: لا إله غيره، ولا خالق سواه، وهو الواحد الأحد، الفرد الصمد، الذي ليس كمثله شيء، وهو السميع البصير. ومعنى قوله: {على الله فليتوكل المؤمنون} فهو: أمر منه سبحانه للمؤمنين أن يكونوا عليه متوكلين، وبه في كل أمرهم واثقين، ومعنى {فليتوكل} هو: فليعتمد وليتكل، ومعنى يتكل فهو: يثق به في كل أمره، ويتكل على كفايته له في كل شأنه. قوله: {المؤمنون} فهم: عباده المنقطعون إليه، والمتوكلون عليه.

  {يا أيها الذين آمنوا إن من أزواجكم وأولادكم عدوا لكم فاحذروهم وإن تعفوا وتصفحوا وتغفروا فإن الله غفور رحيم}؛ فأخبر سبحانه عباده المؤمنين، بعداوة أهل المخالفة في الدين، من الأزواج والأولاد، والبنات والبنين، وذلك