تفسير وبيان لبعض آيات القرآن،

عبد الرحيم بن محمد المتميز (معاصر)

قوله تعالى: {ياأيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن وأحصوا العدة واتقوا الله ربكم لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة وتلك حدود الله ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا 1}

صفحة 152 - الجزء 3

  عليها الرجعة مادامت في عدتها، أو يكون له سبيل إليها قبل نكاح غيره، وإنما قلنا بذلك لأنا وجدنا السكنى إنما جعله الله تبارك وتعالى نظرا منه لعبيده؛ لأن يتدبروا أمورهم، ويرجعوا عن زلل فعلهم، ويراجعوا النساء من بعد طلاقهن إن كانت لهم رغبة فيهن، فيراجع الرجل امرأته، وهي في منزله لم تخرج من بيته، ولم تصر إلى منزل غيره، وفي ذلك ما يقول الله سبحانه: {لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا}، والأمر فهو: العود والمراجعة، فإذا كان طلاق لا يجوز له ارتجاعها معه - سقط منه الأمر الذي قال الله سبحانه: إنه يحدث؛ لأنه سبحانه قد حرمها في هذه الحال عليه، حتى تنكح زوجا غيره، فزالت عنه بذلك السكنى؛ ألا ترى كيف نهى الله ø من طمع أن يحدث الله له أمرا من مراجعتها، عن إخراجها من منزله، وأمره بإسكانها، فقال: {لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة وتلك حدود الله ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا}، فقرن الله السكنى مع الأمر الذي يحدثه، والأمر فهو: المراجعة، فإذا لم يكن للزوج رجعة - لم يكن ثم طمع بأمر يحدثه الله له؛ لأن الله ø قد حظره عليه إلا من بعد زوج، وإذا لم يكن أمر لم يكن سكنى؛ لأنهما جميعا في ذلك مجموعان، وفي الآية كلاهما مقرونان، يثبت كل واحد منهما بثبات صاحبه، ويعدم كل واحد منهما بعدم صاحبه؛ فإذا عدمت الرجعة، وهي: الأمر الذي ذكر الله أنه يحدثه - عدمت السكنى، فإذا كان ذلك كذلك لم تلزم السكنى.