تفسير وبيان لبعض آيات القرآن،

عبد الرحيم بن محمد المتميز (معاصر)

قوله تعالى: {ومن يتق الله يجعل له مخرجا 2 ويرزقه من حيث لا يحتسب ومن يتوكل على الله فهو حسبه إن الله بالغ أمره قد جعل الله لكل شيء قدرا 3}

صفحة 156 - الجزء 3

  سبحانه: {وأشهدوا ذوي عدل منكم}، فمعنى: {ذوي عدل منكم} فهما: صاحبا العدل في فعلهما وقولهما، وما يكون من حكمهما، والعدل فهو: الحق والقسط، يقول: أشهدوا على ما يكون من الفراق، وانقضاء العدة والطلاق عدلين من عدولكم؛ ليكون ذلك أنفع في العاقبة لهن ولكم، وأنجز مما يخاف في ذلك منهن ومنكم، من التعنت والأذى، والادعاء لغير ما كان من الأشياء. {وأقيموا الشهادة لله}، معنى {أقيموا الشهادة}: أدوا ما استشهدتم عليه على وجهه، وأتوا به على صدقه؛ والشهادة فهي: ما استودع الخلق من شهاداتهم على ما علموه، مما استرعوه من الأمر واستودعوه. {لله}، يقول: أصدقوا بإقامتكم للشهادة، وتأديتكم لما عندكم من الأمانة، لله رب العالمين، الذي افترض ذلك عليكم، وجعل إقامة الشهادة بالحق ديانة فيكم. {ذلكم يوعظ به}، معنى {ذلكم} فهو: الأمر الذي جعل فيكم، وافترض بحكم الله عليكم، من إقامة الشهادة. {يوعظ به} الموعوظون من ذلك، ويخوف به {من كان يؤمن بالله واليوم الآخر}؛ فأخبر: أنما يوعظ به الموعظون من ذلك، ويخوف به المخوفون، ويؤمر به المأمورون - لا ينفع إلا من كان بالله مؤمنا، وباليوم الآخر مصدقا موقنا، ومعنى {يؤمن بالله} فهو: يصدق بالله ويتقيه، في كل ما يفعله ويأتيه. و {اليوم الآخر} فمعناه: يوقن باليوم الآخر، ويصدق بما فيه من العقاب والثواب. {ومن يتق الله يجعل له مخرجا}: {يتق الله} فهو: يؤمن بالله ويخافه، ويتقيه. {يجعل له مخرجا} معناها: يجعل له بقبول التوبة من ذنوبه مخرجا، مع ما يجعل له من المخارج والتوفيق، والتسديد والمعونة والتأييد، الذي من ناله ورزقه اتسع عليه أمره، وتفسح عليه شأنه.

  {ويرزقه من حيث لا يحتسب}، يقول: يسبب له رزقه من حيث شاء سبحانه من الوجوه، التي لم يحتسب العبد التقي ولم يرجها فيما كان يرجو. {ومن يتوكل على الله فهو حسبه إن الله بالغ أمره}، معنى {يتوكل} فهو: