تفسير وبيان لبعض آيات القرآن،

عبد الرحيم بن محمد المتميز (معاصر)

قوله تعالى: {ومن يتق الله يجعل له مخرجا 2 ويرزقه من حيث لا يحتسب ومن يتوكل على الله فهو حسبه إن الله بالغ أمره قد جعل الله لكل شيء قدرا 3}

صفحة 158 - الجزء 3

  التزويج حتى يبلغنه، وبلوغهن له فهو: ما ذكر الله سبحانه من وضعهن لحملهن؛ ألا تسمع كيف يقول سبحانه: {أجلهن أن يضعن حملهن}، يقول: أن يضعن ما في بطونهن إلى الأرض، ويستبرئن منه، ويفصل عنهن، ويتبرأ هو أيضا منهن بخروجه إلى الأرض، التي جعلت له مهادا ومسكنا، حيا وميتا. ثم رجع سبحانه إلى ذكر المطلقات، وما أمر به فيهن من البينات، فقال سبحانه: {ومن يتق الله يجعل له من أمره يسرا}، يقول: من يتق الله فيما شرط وذكر، وجعل من هذه الآجال وأمر، فيكون له فيها متقيا، ولأمره بالاتقاء والاستيفاء لها مؤتمرا - {يجعل له من أمره يسرا}، يقول: يصنع له، ويفعل ويهيئ ويجعل له. {من أمره يسرا}، يقول: من شأنه كله خيرا وفرجا، وأمرا مستويا حسنا، ويعطيه - ثوابا له على اتقائه لربه - تيسيرا من كل أمر عسير، وتوفيقا وتهوينا لما عسر عليه من أمره، واشتد عليه من أسبابه.

  {ذلك أمر الله أنزله إليكم}، معنى {ذلك أمر الله} أي: ذلك حكم الله. {أنزله إليكم}، أي: أنزله عليكم، وأمره الذي جعله فرضا مؤكدا فيكم، من امساكهن بالمعروف، أو مفارقتهن بالمعروف، وإشهادكم على ذلك، وما جعل من العدة لهن، آيسات كبارا كن أو صبايا صغارا، و حوامل لحملهن، وما جعل في ذلك من الشروط عليكم فيهن، فكل ذلك أمر الله الذي أنزله، وحكمه الذي حكم به في ذلك عليكم وفيكم. {ومن يتق الله يكفر عنه سيئاته ويعظم له أجرا}، يقول: من يكن لله متقيا خائفا، منتهيا إليه راجعا - {يكفر عنه سيئاته ويعظم له أجرا}، ومعنى {يكفر} فهو: يصفح ويغفر، ويذهب بالقبول والرحمة منه ما تقدم منه من السيئة؛ والسيئات فهي: الذنوب الموبقات، والمعاصي الفاحشات. {ويعظم له أجرا}، يقول: ثوابا وأجرا.

  ثم رجع فقال سبحانه: {أسكنوهن من حيث سكنتم من وجدكم}، يقول: أسكنوهن في وقت اعتدادهن {من حيث سكنتم}، معنى {من حيث} فهو: